من الظواهر التي طفت على سطح الواقع الأدبي في هذا العصر ظاهرة المجانية في بروز أسماء شعراء كثيرين في الساحة الأدبية وخاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، وامتدت تلك الظاهرة إلى الصحافة الورقية والإلكترونية ورافقها تلك الشهادات التي ينالها أولئك الشعراء والشاعرات .. على الرغم من الضعف الواضح لكل ذي عينين من خروج على قواعد اللغة إلى إسفاف في الأفكار والبناء الفني الذي لا يخضع لأية قواعد في البيان والبلاغة . فهل أصاب الوهن عالم النقد وامتدت عدوى المرض إليه .
مما أعلمه عن النقد الأدبي أنّه المراقب والموّجه للأدب شأنّه في ذلك شأن السلطة التشريعية في أية دولة تراقب عمل السلطة التنفيذية وتوجهها وتصوّب مسار عملها. فهل امتدّ الفساد إلى النقد الأدبي حتى صرنا نرى مانراهُ من وهن وضعف في الأدب.
منذ القديم كانت أذواق الناس معياراً للحكم على أي عمل أدبي (شعراً أونثراً) وقبل أن تصلنا آراء الفلاسفة اليونان ومن جاء بعدهم, وكان الشعراء يهابون أذواق الناس لأنها كانت ذات قدرة على الحكم الصحيح على العمل الأدبي, ولم يكن الفساد قد وصل إلى تلك الأذواق, أمّا في العصر الحالي فقد تشوّهت الأذواق بسبب عوامل عديدة يطول الحديث عنها, ومتى تفشى المرض فنحن بحاجة إلى أطباء أكثر وعلاج أمضى وأنجع. أية مسؤولية تقع على رؤساء التحرير في الصحف التي تمثل الأدب في مجتمعنا حين تسمح بنشر قصائد ونصوص يفترض فيها أن تكون صحيحة الوزن واللغة ومستوفية شروط القصيدة العربية ! أم إنّ النشر لا يخضع لتلك المعايير بل له معايير أخرى أترك للقارئ العزيز تقديرها !
فائق موسى