كنا نعتقد نحن المواطنين ، أننا سنرتاح من معاناتنا في الحصول على مخصصاتنا من المشتقات النفطية، مع اعتماد الجهات المعنية البطاقة الذكية لتمكيننا من ذلك ، ولكن – للأسف – أثبتت التجربة العملية أن المعاناة مستمرة وتشتد بين الفنية والأخرى ، رغم أن البطاقة الذكية أمست بجيب كلٍّ منَّا ، ونعتمدها في كل تعاملاتنا النفطية !.
وأكثر ما تتجلى معاناتنا في مراكز توزيع الغاز المنزلي ، التي يرفض العديد منها تسليم المواطن حامل البطاقة الذكية أسطوانة غاز ، إلاّ بعد تسجيل دور ولسكان الحي فقط ، وإلاّ بعد شهرين أو ثلاثة أشهر ، وبسعر ثلاثة آلاف ليرة !.
في حين ترى بعض المراكز تبدل لك أسطوانتك من دون استخدام بطاقتك ، ولكن مقابل أربعة آلاف أو خمسة !.
إذاً المشكلة ليست بالبطاقة الذكية ، التي يصفها المتضررون منها بالغبية ، بل المشكلة كل المشكلة في النفوس المريضة ، التي تقف سداً منيعاً أمام أي جهد حكومي أو إجراء رسمي ، يضبط الهدر ويحد من الفساد ويوفر للمواطن مخصصاته من الغاز المنزلي أو غيره من المشتقات النفطية ولو بالحدود الدنيا ، التي تفرضها ظروف الحرب ومنعكساتها من حصار وحظر وعقوبات اقتصادية ظالمة ، باتت معروفة للجميع .
ففي مسألة الغاز المنزلي مثلاً ، لماذا تسجيل الأدوار للمواطنين ، والانتظار شهرين أو ثلاثة ليبدلوا أسطواناتهم الفارغة ، ولماذا يحتفظ العديد من أصحاب المراكز بالعديد من البطاقات الذكية بأدراجهم ، ولماذا لا يستطيع حامل البطاقة تبديل أسطوانته من أي مركز بالمحافظة أو بمنطقته على أقل تقدير ، ضمن المدة النظامية المحددة رسمياً لذلك ؟.
وما الغاية من إصدار البطاقة الذكية ، إذا كان الأسلوب المتبع في تمكين المواطنين من غازهم ، هو الأسلوب القديم ذاته الذي يحرص عليه كل الحرص القائمون على تلك المراكز ؟!.
قد يقول قائل : ربما يكمن السبب بشح الغاز في فرع الشركة العامة لتوزيع وتجارة المشتقات النفطية (محروقات ) ، فهو لا يسلم أصحاب المراكز سوى نصف مخصصاتهم الشهرية وأحياناً أقل !.
ونحن نقول : هذه حجة أوهن من خيوط بيت العنكبوت يتذرع بها العديد من مستثمري مراكز توزيع الغاز المنزلي ، كي يلقوا باللوم على الدولة ، وكي يشككوا المواطن بأهمية البطاقة الذكية كأداة راقية لتوفير مخصصاتهم واستلامها من دون أي منغصات معنوية أو أي استغلال مادي ، وكي يغطوا على فسادهم .
فهم ألدُّ أعداء البطاقة الذكية ، لأنهم إذا استخدموها الاستخدام الأمثل لن يجنوا مبالغ فاحشة من تبديلهم أسطوانات الغاز بأسعار عالية .
لذلك تراهم يصرون على الاستخدام الفاشل للبطاقة الذكية ، كي يتمتعوا بخيرات الفشل وغلاله !.
وهذا ما يجب علينا أن نحاربه أنا وأنت ونحن جميعاً ، لأننا أهل المعاناة الذين نتعرض للاستغلال ، وذلك بإبلاغ الجهات المعنية كي تحمينا من أولئك الحيتان عندما يحاولون استغلالنا.
محمد خبازي