لا يمكن للسيئ العيش في بيئة نظيفة

بما أن الحوار يوصل المتحاورين إلى الحقيقة دائماً خاصة عندما يكون هادفاً بعيداً عن المصالح الشخصية والعلاقات النفعية والأفكار مسبقة الصنع، تعودنا سماع آراء الناس ومحاورتهم أو مناقشتهم في أمورٍ لها مساس بحاجاتهم واهتماماتهم وأحياناً تكون المستويات الثقافية متفاوتة لكن المهم أن تطرح مسائل قد يكون لها جذور في الماضي حتى تحولت إلى أمثال يتداولها الناس على ألسنتهم مثل : البقاء للأصح ولا يصح إلا الصحيح /والخطأ لايدوم والبقاء للأفضل، كل هذه المصطلحات أو الأمثال كانت حصيلة تجارب عاشها الناس في مراحل متعاقبة لكن الظروف تتغير والأحوال تتبدل وماكان بالأمس مرفوضاً أصبح الآن مقبولاً وماكان عيباً أصبح /موضة/ وتقدماً (سبحان مبدل الأحوال) لقد طرح علينا أحدهم سؤالاً قد يكون محرجاً لي لأنني لم أتعود في جوابي عن أي سؤال المناورة أو المداورة فالسؤال يقول: هل البقاء للأفضل أم للأسوأ ؟ قلت: لاشك هو سؤال كبير جداً يحتاج إلى ندوة اجتماعية ثقافية تأخذ حيزاً كبيراً من الوقت، فالأفضل هو نتاج ظروف إيجابية وبيئة نقية أما الأسوأ فهو نتاج ظروف سلبية وبيئة ملوثة فعندما تتداخل ظروف الأفضل وبيئته مع ظروف الأسوأ وبيئته يصبح المناخ العام ملوثاً تغلب عليه السمة السلبية يبرز الأسوأ وخاصة عندما تتهيأ له الظروف المواتية والبيئة المناسبة ويصبح سيد الموقف ويسقط شعار الأفضل لأنه لايستطيع أن يعيش في مياه عكرة وهذا لا يعني البقاء للأسوأ إنها حالة مؤقتة لأنها اعتمدت على العامل الاقتصادي غير الهادف وعلى التلوث غير الثابت وعلى النفاق المكشوف وعلى التزلف الممقوت وعندما يغيب المعيار تختلط الأوراق وتضيع المقاييس يتقدم الأسوأ ويتأخر الأفضل لأن الأول اعتمد المال والعلاقات النفعية والثاني اعتمد العمل والإنتاجية اللتين لا قيمة لهما في المناخات السلبية، فهذا رأي أبديه قد يكون خاطئاً أو فيه بعض من الحقيقة إذ إنني لا أريد أن أفرض رأياً عليكم بإمكانكم مناقشته والإدلاء بآرائكم، فقال أحد الجالسين: إنما قلته فيه كثير من الحقائق التي بحاجة إلى التوقف عندها طويلاً فمثلاً البيئة والمناخ لهما دور كبير في تكوين الشخصية عند الإنسان فمن الضروري تغيير المناخ وتنقية البيئة كي يكونا أرضاً خصبة لنمو الأفضل وإغلاق الباب أمام الأسوأ ولكن كيف ؟ قلت: لايمكن للسيئ العيش في بيئة نظيفة ولا يمكن للأفضل أن يعيش في بيئة ملوثة وإن نظافة البيئة ونقاءها من صنع الإنسان وإرادته ورغبته في الاستمرار.

أحمد ذويب الأحمد

 

المزيد...
آخر الأخبار