لم يلمس المواطن حتى اليوم ، أيَّ أثر إيجابي لكل الإجراءات التي اتخذتها الجهات المعنية بحمايته من حيتان السوق ، وضبط فلتان الأسعار من عقالها ، التي هبَّت هبوب الأعاصير الهوجاء مع بداية الشهر الجاري ، واقتلعت كل ما بيديه من نقود ، وبددت كل أحلامه وآماله أيضاً بتحسن وضعه المعيشي ، رغم إنعاش راتبه بزيادة مهمة على كل الصعد.
ولم تستطع السورية للتجارة أن تتدخل إيجابياً للتخفيف عنه كما يجب أن يكون التدخل ، لتوفير المواد الأساسية له تحقيقاً للشعار الذي ترفعه وتنادي به ، وخصوصاً بالمناطق التي يشكو العديد من صالاتها من شح المواد وتراكم الغبار وتسيب بعض القائمين عليها وعدم تقيدهم بالدوام الرسمي ، كما في محردة والسقيلبية على سبيل المثال والحصر أيضاً .
فكل الإجراءات التي اتخذتها تلك الجهات المعنية لنصرة المواطن ظلت قاصرة عن حمايته ودعمه وتوفير مواده ، والدليل أسعار المواد الغذائية الضرورية لحياته اليومية بأسواقنا ، التي لم تنخفض ولو قليلاً رغم كل تلك الإجراءات التي أهبطت سعر صرف الدولار من عتبة الألف ليرة التي بلغها أثناء جنونه ، وكذلك تسعير علبة المتة بـ 600 ليرة للمستهلك في الوقت الذي كانت التسعيرة التي حددها التاجر الكبير بـ 550 ليرة !.
أضف إلى ذلك ، وقوع الباعة الصغار بين نارين ، أولاهما نار الرقابة التموينية التي تخالفهم إذا لم يبرزوا فواتير شرائهم المواد التي يبيعونها للمستهلك ، وثانيتهما نار التجار الكبار الذين يرفضون التداول بالفواتير وتمكين الباعة منها كي لاتكون دليلاً ضدهم وعلى تلاعبهم بالأسعار !.
والسؤال الذي نطرحه هنا: لماذا لاتتوجه دوريات الرقابة التموينية إلى التجار الكبار مباشرة وتطلب منهم إبراز الفواتير والعمل بنظام الفوترة ، وإلزامهم بإعطاء الفواتير للباعة الصغار ، بدلاً من توجهها للباعة الذين لا حول لهم ولاقوة، ويعانون من جمود حركة البيع والشراء ، بل إنهم يتقاسمون المعاناة ذاتها مع المواطن .
فالنار التي يصطلي بها المواطن في أسواقنا المحلية اليوم ، لم يضرمها الباعةُ الصغار وإنما التجار الكبار الذين يتحكمون بالأسعار ويديرون خيوط الأسواق كما يشتهون ويرغبون !.
وباعتقادنا، إذا لم يُضبط هؤلاء الكبار ، فكل خطط الجهات المعنية و برامجها وإجراءاتها لن تجدي نفعاً في تخفيض سعر أي مادة غذائية أساسية للمواطن ، ولن تكون حملاتها بالأسواق سوى ( هوشة عرب ) تنتهي بانتهاء فورة الغضب على الأسعار .
محمد خبازي