أكثر الكتّاب تنوعاً وأغزرهم إنتاجاً ،وبسبب المآسي التي سببها الاحتلال العثماني على الشعب السوري اقترح أحد اﻷعيان على والده أن يغير اسمه من مدحت إلى ممدوح زعماً منه أن اسم مدحت تركي ، وظل اسم ممدوح يرافقه وظل يبدع شعراً ومسرحاً ورواية وترجمة ومقالة ومسلسلات وسهرات تلفزيونية . من منا لا يذكر مسلسل الزير سالم ؟ومن منا لم يقرأ روايته أعدائي، ووووو وقائمة إبداعه لاتنتهي .أيام قليلة على ذكرى وفاته في 19 من كانون اﻷول 2004 غادرنا ممدوح عدوان اﻷديب السوري تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً قلّ نظيره بما يتضمنه من قيمة فكرية إبداعية ،كثيراً ما أعود لقراءة مسرحيته /هاملت يستيقظ متأخراً/ وفي كل مرة أعاود اكتشاف جوانب لم أنتبه إليها سابقاً، هاملت المثقف المهتم بالفن واﻹبداع ،المحدود القدرة على تغيير واقعه وحين يشهد زيارة العدو لبلده يطلق سهام الكلمات لتصيبه والكلمة تأتي الهدف فيعاود العدو كرهه ويحيك لهاملت مصيدة الموت ،هكذا عدوان الرافض للعدو أن يدنس وطنه الحامل همّ اﻹنسان والوطن في كل ماكتبه كلما كان يزور قريته قيرون كان يجلس عدوان تحت صخرة على ضفة نهر في القرية ،وهناك يتأمل يفكر ويبدع ينام في الضوء على الضفة الجنوبية للنهر تحت صخرة سميت باسمه يفرد كان أفكاره الساخنة من شدة الحرارة تصادقه الجبال، الطيور، السماء ،الحصادين ،خمرة العنب يمشي مع الدلب يعلو مع النهر والريح لا تكف عن الثرثرة هناك في قيرون في مصياف تولد القصيدة ، وفي دمشق يسرد الرواية ويلبس المسرح قميص هاملت ينام في الضوء جنون آخر ،دفاعاً عن الجنون ،طيران نحو الجنون للريح ذاكرة ولي وووو وحين لا يتوقف الزير عن ثأره لتحيا اﻷرض يضع حداً لجنونه يرسله في غياهب الصحراء ،و ينام في الضوء هناك تحت صخرة سميت باسمه في قيرون .
رحل ممدوح عدوان قبل 15 عاماً وقد أمضى حياته محتفلاً بالحياة مرة ،وبالشعر مرة،و بالرواية وأخرى بالترجمة وووو واصل دور المثقف الذي يرى ما لا يراه اﻹنسان العادي في ذكرى رحيله نشعل شمعة وفاء للإنسان اﻷديب الوطني .
وهو القائل : أنا الجالس موجوعاً، مع آلامي وطموحاتي وهويتي. لا أريد أن أنسى أن فلسطين كلها عربية، وزيادة على ذلك أريد أن أعلن في أدبي على الأقل، أن فلسطين هي ذلك الحلم العربي الذي لا أريد ولا يحق لأحد التنازل عنه. وأنني ما زلت أراها عربية. ولا أريد التنازل عن شبر فيها، وقد أعلن في لحظة شجاعة شعرية أن من يفرط بذلك هو خائن للحلم العربي وللشرف الإنساني. لروح ممدوح عدوان الرحمة والسلام .
نصرة إبراهيم