تمثل الشفافية أحد الوسائل الهامة لمكافحة الفساد التي تتم عملياته غالباً في الظل بعيداً عن أعين الرقابة ، أو الرأي العام والتعتيم على ما يجري وخاصة النفقات والموارد المالية ، كما أن غياب الشفافية يخلق فجوة بين المواطن وبعض دوائر الخدمات العامة ، أو صعوبة الإقناع بعملها ، حيث إن بعضهم اتخذ ضعف الامكانات شماعة ليخفي بها تقصيره دون أن يكشف عن موارده المالية أو إمكاناته الفنية .
إن نظرة متأنية على واقع عمل العديد من البلديات تظهر بوضوح غياب الشفافية في الأسباب الحقيقية لتراجع الخدمات العامة من نظافة وطرق وصرف صحي وتعديات على الحراج وانتشار مخالفات البناء وسواها ، حيث تبرر مجالس البلديات التراجع بالخدمات والتقصير بقمع المخالفات بضعف الإمكانات المادية دون أن تصارح المواطنين بمواردها المالية لقاء استثمار عقاراتها من محال ومنشآت مختلفة وآلياتها المستثمرة أو المؤجرة ، أو نفقات الصيانة والإصلاح وغيرها ، أو مواردها من عوائد الجباية أو الرسوم التي تتقاضاها من نظافة وإنارة الشوارع ورخص البناء وبدلات استثمار وإعانات من الوزارة ، وإذا كانت أرقامها دقيقة مما يجعل التساؤل مشروعاً ، ما المانع أن تعلنها بشكل شفاف للمواطن الذي يريد أن يكون شريكاً معها في ( الحلوة والمرة ) ؟ وليس مجرد دافع ضرائب بالنسبة لها فقط .
كما أن إعلان جداول مكان وزمن توزيع أدوار المياه بالأحياء والحارات ، وكذلك جدول توزيع التقنين للتيار الكهربائي وجدول توزيع المحروقات من غاز ومازوت وبنزين وذكر الأسماء المستفيدة وتسلسل الدور ، والكميات الواردة هو تطبيق للشفافية وتضييق على المتلاعبين والفاسدين ، وإنصاف لجهود من يعمل ومن لا يعمل وهو مطلب شعبي وترسيخ المصلحة العامة والعمل المؤسساتي .
إن ضعف الإمكانات ليس عيباً في حال كان لأسباب موضوعية أما إذا كان نتيجة تقصير بالعمل فهو مشكلة كبيرة يجب إيجاد حلول لها ومحاسبة المقصرين وهذا لا يتم دون اعتماد الشفافية ليتم وضع النقاط على الحروف .
* عبد اللطيف يونس