الإدارة فن ووعي واستيعاب ومتابعة وإشراف، إذ إن هناك فرقاً شاسعاً بين إدارة جاءت بتبنيات شخصية مصلحية غير مؤهلة لا ترى في الإدارة سوى الامتيازات، وبين إدارة جاءت من خلال معايير ومقاييس فنية ومؤهلات علمية لا ترى في الإدارة غير العمل المنتج والتنافس الصادق من أجل البناء. فالإدارة في الحالة الأولى فاشلة معتمدةً على الدعم الذي يحميها ويزين أعمالها ويتستر على ممارساتها ويمكن أن يطول عمرها أكثر لأن اهتمامها لايتعدى مكتسباتها الشخصية ونفاقها المستمر وانبطاحها الدائم عند أصحاب القرارات في المناسبات وغير المناسبات وفي هذه الحالة يظهر القطاع الذي تقوده بالعجز وعدم القدرة على التطوير وبهذا تعطي سلاحاً ومسوغاً للذين لا يريدون للقطاع العام خيراً وخاصة في ظل مثل تلك الإدارات الفاشلة، وأحياناً إن لهذه الإدارات حظوظاً أكثر في البقاء خاصة عندما تكون المناخات يكتنفها الفساد، أما الإدارة في الحالة الثانية والتي يهمها الإنتاج فقط ومتابعة خطط العمل ميدانياً والإشراف على مدى التنفيذ ومحاسبة المقصرين في مواقع الإنتاج يعترضها كثير من الصعوبات التي يكرسها أحياناً بعض الناس الذين لا تتحقق رغباتهم المخالفة للقوانين والأنظمة في قطاع هذه الإدارة، إذ اعتاد الناس على تحقيق مصالحهم ولو كانت مخالفة لأن الإنسان ابن مصلحته، وعندما يعتاد الناس على هذا النمط من ممارسات بعض الإدارات لاتستطيع الإدارات الجديدة في الحالة الثانية أن تستمر دون صعوبات وعلينا أن نقوّم كل عمل من خلال المصلحة العامة ومدى تحقيقها، لا من زاوية المصلحة الخاصة، وأحياناً يقال: إن فلاناً يتحمل مسؤولية، وفلاناً لا يتحمل مسؤولية… لا يمكن أن نفسر هذه المعادلة بأن مخالفة القوانين والأنظمة هي تحمّل مسؤولية، وعدم المخالفة هي العكس.
تحمّل المسؤولية هو الحفاظ على سيادة القانون وعدم مخالفته وترسيخ الروح الجمعية في الإدارة أو المؤسسة وصون الثقة التي وضعتها القيادات الأعلى في الإدارات، إذ لا حماية لمسيء، ولاشفاعة لمختلس مهما كان دعمه أو من يقف خلفه، هذه هي المسؤولية وتحمّلها من قبل إدارات لا حماية لها إلا عملها المنتج.
فعندما نفتش عن المؤهلين كلاً في اختصاصه ونضعه في موقع المسؤولية ونحاسبهم في نهاية كل عام من خلال مؤشرات الإنتاج، عندها نضع أنفسنا في الخطوة الأولى على الطريق الصحيح.
أحمد ذويب الأحمد