تقف أمام كوة مخبز ضمن دور طويل ، فيأتي آخرون ليشتروا الخبز من نافذة أخرى غير عابئين بالرتل الطويل ويغادرون وكل ذلك خلال دقائق معدودة بينما تظل أنت واقفاً وتشتري الخبز بالعدد لا بالوزن، ومع ذلك تسكت على غش البائع لك ولا تشكو وتنتظر من التموين أن تأخذ لك حقّكَ !.
وفي السوق تشتري ما تحتاجه من مواد بسعر زائد وأنت تعلم أن الباعة تقاضوا منك أسعاراً زائدة ، ومع ذلك تسكت ولا تشكوهم للجهات المعنية بحمايتك ، وتريد من التموين أن تأخذ لك حقَّكَ !.
وعند تبديلك أسطوانة الغاز بعد جهد جهيد ، يأخذ منك صاحب المركز ثلاثة آلاف ليرة أو ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة ، ورغم ذلك تسكت ولا تشكو وتريد من التموين أن يأخذ لك حقَّكَ !.
وتتكرر الحال معك باستمرار ، في السرفيس ، وفي محل السمانة وعند القصّاب وعند بائع الخضار والفاكهة ، أي تتعرض على مدار الساعة لعمليات غش واستنزاف لقدرتك الشرائية ، وتتذمَّر وتشتم بينك وبين نفسك، ولكنك لا تشكو هؤلاء اللصوص الذين يسرقونك دائماً ، خشيةً منهم أو خجلاً ، أو لقولك ( حرام خطي ) وتريد من التموين أن يأخذ لك حقك !.
دعونا نعترف أن هذه الحال هي السائدة في مجتمعنا ، فنحن جميعنا نعرف أن بعض الباعة يسرقوننا ولكن لا نشكوهم إلى الرقابة التموينية وحماية المستهلك كي لا نضرَّهم أو نؤذيهم ، رغم أنهم يضروننا ويؤذوننا !.
لذلك يتمادون في استنزافنا ونظل نحن ضحاياهم ، ونلوم الرقابة التموينية على تقصيرها بحمايتنا منهم !.
بالتأكيد لن تستطيع حماية المستهلك ولا أي جهة رقابية أخرى إنصافنا إذا لم نتعاون معها ونشكو لها ما نتعرض له من عمليات غش أو احتكار أو تلاعب بالأسعار أو تقاضٍ لأجور زائدة ، فهي مهما امتلكت من موارد بشرية وإمكانات فنية غير قادرة على مراقبة أسواق المحافظة بمحالها الكثيرة الممتدة على رقعة جغرافية واسعة، ولكن إذا شكونا لها ما نتعرض له يصبح بمقدورها
حمايتنا من الذين يثرون على حسابنا.
وللعلم إن عدد المراقبين التموينيين على مستوى المحافظة 80 فقط، ومن ضمنهم إدرايون تستنجد بهم مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك لرفد دورياتها في سعيها لضبط فلتان الأسواق.
ولهذا نرى أنه ينبغي لكل مواطن منا أن يكون مراقب تموين ويتصل بالرقابة التموينية على أرقامها المعروفة ليكون عملها فاعلاً ، وليرعوي أولئك الباعة الذين نخجل نحن من الشكوى عليهم في الوقت الذي لا يخجلون هم فيه من سرقتنا .
دعونا نتحرر من خجلنا تجاه هؤلاء، ونساهم بحماية أنفسنا من طمعهم .
محمد خبازي