يروى أن أهالي إحدى القرى اشتروا محركاً ضخماً لضخ المياه ،وبعد تركيبه وبدئه بضخ المياه غادر الخبير الذي ركّب المحرك دون أن يخبرهم كيف يطفئونه ،وبعد أن أخذ الجميع حاجتهم من المياه،حاولوا إيقاف المحرك عن الدوران ولكنهم لم يعرفوا أين «الطفاية» ففاضت المياه وملأت المكان،فأرسلوا في طلب مختار القرية فجاء وأخذ بضربه بالعصا فجاءت إحدى الضربات على الطفاية فتوقف المحرك …. وفي صباح اليوم التالي استيقظ الناس على يافطة كبيرة وضعها على منزله كتب عليها بالخط العريض «المختار لتصليح متورات السقي « وهذا حال الكثيرين اليوم ممن يتطفلون على مهن غيرهم ،فمن اتبع دورة تمريضية بسيطة ،أصبح طبيباً أو صيدلانياً يصرف الأدوية للناس،ومن كتب ثلاث كلمات ونصف أصبح شاعراً وأديباً كبيراً،ومن سنحت له الفرصة ليظهر على إحدى الشاشات عبر فيتامين «واو» صار محللاً وباحثاً استراتيجياً، ومن عرف شيئاً عن الكواكب والأبراج صار عرافاً وعالماً بعلم الغيب والتنجيم، ومن اتبع دورة لثلاثة أيام في التحرير الصحفي وكتب مادة في إحدى الصحف وهو لايعرف الخبر من التقرير وليس لديه معرفة بألف باء الصحافة صار صحفياً وإعلامياً كبيراً ويقدم نفسه عبر منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من منصات التسويق الشخصي على أنه أهم الإعلاميين والكتاب …
والقائمة تطول، لذلك سأقول لأولئك الطفيليين: كفاكم كذباً ونفاقاً، ولاتتعدوا على مهن واختصاصات غيركم، فإذا ساعدتكم الظروف اليوم ،فإنكم ستكشفون على حقيقتكم في يوم من الأيام وعندها ستخسرون عملكم الأصلي- إذا كان لديكم عمل أصلاً أو شهادة علمية – وكذلك ستخسرون الاختصاص الذي تطفلتم عليه ، اتركوا الاختصاص لأهله وكفاكم انتفاخاً وتوهماً فالخطوط التي يمنحها ظل سور الحديقة للثعلب المستلقي بجانبها لن تجعله نمراً لأنها ستزول عندما ينحرف عنه الظل وستسطع شمس الحقيقة عالياً .
فيصل المحمد