صوت الفداء : الغاب سلة الاقتصاد ..

في الشتاء فيضانات وسيول وفي الصيف جفاف وعطش ومعاناة كبيرة للمزارعين تتزامن مع الإهمال ،وغياب الحلول الدائمة من الجهات المعنية .
هذه هي حال سهل الغاب في الريف الغربي للمحافظة بعد أن كان سلة زراعية وغذائية مهمة ورافداً للاقتصاد الوطني اشتهر طيلة السنوات بإنتاج المحاصيل الاستراتيجية من قمح وقطن وشوندر سكري ، إلا أن زراعة الشوندر والقطن تراجعت إلى أدنى حالاتها لأسباب كثيرة من أهمها: قلة  المياه صيفاً وارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب غلاء البذار والأسمدة وأجور العمال في الزراعة ، وجني المحصول والنقل والمحروقات ، والأهم  هو السعر المنخفض الذي تدفعه الحكومة ثمناً للمحصول ، حيث حددت سعر شراء الطن الواحد من الشوندر السكري العام الماضي من المزارعين بـ 25 ألف ليرة في حين أن تكلفته الفعلية على الفلاح هي نحو 35 ألف ليرة مما دفع المزارعين إلى العزوف عن زراعته ، بالإضافة إلى أن وزارة الزراعة أجلت زراعته لأجل غير محدد، ونفس الأمر ينطبق على القطن الذي تسبب في تحمل الخزينة العامة أعباء كبيرة من القطع الأجنبي بسبب استيراد السكر وتذبذب أسعاره عالمياً وتوقف شركة تل سلحب عن الإنتاج وبالتالي خسارة مليارات الليرات كقيمة فوات إنتاج وأرباح تشغيلية وحرمان مئات الأسر من مصدر دخل أساسي لها من هذه الزراعة .
إن رفع سعر شراء الطن الواحد من الفلاح إلى 40 ألف ليرة كفيل بإعادة دوران عجلة شركة تصنيع السكر، وتأمين قسم كبير من حاجة بلدنا والاستغناء عن الاستيراد وتوفير ملايين الدولارات من القطع الأجنبي .
أما ما يتعلق بالمياه: كل عام يتكرر مسلسل غمر بعض الأراضي وفتح البوابات مثل بوابة القرقور لتذهب ملايين الأمتار المكعبة من المياه هدراً إلى نهر العاصي في طريقها إلى البحر وذلك  بدلاً من أن يتم تحويلها إلى سد وتخزينها إلى الصيف لري المزروعات منها وعملية غرق الأراضي وفتح القرقور مسلسل يتكرر منذ سنوات دون وضع  نهاية سعيدة له رغم كثرة المشاريع والدراسات التي اقترحت عدة حلول ومشاريع تم الحديث عنها سابقاً مثل المسطحات المائية ،وكذلك إنشاء عدة سدات مائية على نهر العاصي لم تنفذ إلا بنسب  ضئيلة رغم مضي نحو 4 سنوات كما أنه لم يتم إنشاء سد في ناحية عين الكروم أو غيرها ..
وحسب رأي مختصين فإن كمية الأمطار التي تهطل سنوياً في الغاب لو تم تخزينها في سدود وعدم فتح البوابات لتذهب هدراً إلى البحر خشية غرق الأراضي ، فإنها كافية لري المزروعات فيه لمدة خمس سنوات وتحقيق نهضة زراعية كبيرة .
ومن المشكلات التي يعاني منها سهل الغاب هي انتشار زهرة النيل التي تلتهم الماء في الصيف وتحرم المزروعات منها ولم تنجح كل المحاولات حتى الآن في التخلص من هذه النبتة التي تشكل خطراً كبيراً على المياه والزراعة، مما يتطلب وضع خطة زمنية وبرنامج متكامل للقضاء عليها نهائياً .
أخيراً . . إعادة سهل الغاب كما كان رافداً قوياً لاقتصادنا الوطني وسلة غذائية وزراعية  ليس صعباً والعمل على معالجة مشكلاته هو استثمار رابح مهما كانت التكاليف . 

* عبد اللطيف يونس 

المزيد...
آخر الأخبار