يظل العمل أحد أهم أوجه النشاط الإنساني ،بمختلف جوانبه الاقتصادية والاجتماعية و…لما يقدمه من خبرة ومعرفة وقيمة مضافة ، تشكل مخزوناً حيوياً ،ليس لصاحبه فقط وإنما للإنسانية جمعاء تنتشر في مجتمعنا -عند بعضهم – ثقافة مغلوطة عن العمل تجعل بعضهم يخجل أو لايصرح بالعمل الذي يقوم به ، من مبدأ أنها أعمال لا تناسب وضعه الاجتماعي أو الأسروي أو غيرها من الإعتبارات. ثقافة العمل تختلف من فرد إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر، وهذا الاختلاف يرتبط بشكل أساسي بالتربية والسلوك والمبدأ، لذلك نجد الكثير من الشباب عندما يهاجرون خارج أوطانهم للعمل أو حتى للدراسة يعملون أي عمل، في المطعم، في النظافة، في العتالة..؟!
وعندما يعودون إلى بلدهم ينكرون ، يتأففون منها، بل يحاولون أن يوهموا أهلهم وأصدقاءهم وأقرانهم ، بأنهم يديرون مؤسسات وشركات ومصارف وغيرها من أعمال في بلاد الغربة، ويجنون أموالاً طائلة ولهم حسابات في البنوك، في حين يصورون للآخرين أنهم يخجلون من هذه الأعمال في بلدهم، من حيث المبدأ العمل أياً كان نوعه ،هو شرف للإنسان ما دام المرء يأكل من تعبه وكده بعيداً عن الحرام أو النصب والاحتيال، العمل يعطي للإنسان الطاقة الإيجابية ويجعله أكثر تفاؤلاً بالحياة والمستقبل، نحن بحاجة لتعزيز ثقافة العمل المنتج بين الناشئة وندع الأفكار والعادات الهدامة خارج نطاق حياتنا وتفكيرنا، العمل ليس فقط خلف المكاتب، العمل المنتج الذي نحن بحاجة له ،هو الذي يساهم في نهضة وطننا ويجعله في مصاف الدول المتقدمة والتي سبقتنا إلى ذلك قبل قرون ، في أمثالنا وموروثنا الشعبي وأدبياتنا الكثير من الإشارات لأهمية العمل ومكانة الإنسان العامل ودوره النهضوي في المجتمع، (العمل جوهر الإنسان، العمل عبادة ، العمل مو عيب ،لا حياة بلا عمل….)
لنحاول أن نغرس في نفوس وعقول شبابنا وأبنائنا أن العمل المنتج ،الشريف، يعزز من الذات ويبني الشخصية الوطنية المتوازنة البعيدة عن العُقد والعادات البالية، الإنسان يكبر بعمله عندما يتقنه أيما إتقان ويعود بالنفع على المجتمع ، فلا حياة كريمة بلا عمل منتج ،ولا تقدم بلاعمل بنّاء يشعر الإنسان بوجوده ويحقق ذاته ويطور أدواته باستمرار، عندها يمكن أن نقول إنه تجاوز عُقد الماضي وبدأ مرحلة العطاء الحقيقية.
حبيب الابراهيم