/ صبـاح الخـير يــا حـماة /

لكل مكان رائحة إما أن تـشدنا إليها وإما أن ترمينا في هاوية الغياب . تتعلقُ حواسُنا بالمكان نـشم رائحته كلما هـزّ الحنين أعماقنا إليها فنعاود الرجوع واقعاً وخيالاً، الخيال لا يُشفي عـليل ذاك الشوق فنهزمُ الخيال بجرعة واقع تحدثَ المحاضرُ عن تاريخ المدينة استوقفني حديثه عن قـناة العاشق والنواعير وتاريخ المدينة الضاربة في حضارة التاريخ وبما أن الشتاء له خصوصيته في نفسي التواقة لطقوس الشتاء مهما قست تلك الطقوس سأعترف بأني لم أر شتاء أجمل وأحسن وأكيس وأدفأ من شتاء حماة لن تشعر بالبرد مهما عـبس الغيم ولن تشعر بالرياح مهما عصفت في آذان فناجين القهوة في ساحة العاصي ولن تشعر بزحمة اﻷصوات القادمة من جهة السوق أمام تراتيل الناعورة على ساعد العاصي . إن أردت أن تستشف قصيدة أو فكرة غير مسبوقةٍ فاجلس لبعض الوقت ودعْ بصر القلب يتسلق مع الناعورة ويدور صوتك مع عـذوبة عشقها صوت بائع البطاطا الجوال قطع سلسلة أفكاري وأنا أشد أحزمة الرقص على حبل الكلمة قمت بتنحيته جانباً وضعت القطن في أذني وادعـيتُ أني صماء ولا أحب البطاطا المشوية في نار مدفأة الحطب فعلتُ كل ذلك ﻷبقى قيد الجلوس مطمئنة الأحوال والإصغاء لم أنجح في تجربة اللامبالاة فقد قطع علي لحظة سعادتي تلك صوت سائق التكسي / هجرة جوازات كراجات / حدقتُ بوجهه ملياً لم أعرفه مع أني متيقنة أنه عن سبق إصرار وقصد يريد إثارة جنوني اللذيذ عدتُ وأمسكت بكلتا يدي بالناعورة ودرت معها حتى بللني حب الحياة رميتُ القطن ومشيتُ على كعب التحدي /يا أنا يا أنت أيها الغراب الواقف على عمود الكهرباء/ تخيلوا رحت أقفز كالكنغر من جوار ساعة المدينة حتى وصلت أقرب بائع حلاوة الجبنة من غير المعقول أن أكون في حماة ولا أحلي صباحي بقطعة من حلاوة الجبنة لا تندهش كثيراً لأن البائع تلقائيا سيقدم لك قطعة عربون دخولك محله، واحتفاؤه بك سيدفعك للعودة إليه كلما زرت هذه المدينة . مازال المحاضر يتحدث عن المدينة وتاريخها وأهلها وقلعتها ووووو ويقوم بعرض الصور على شاشة اﻹسقاط وأنت سعيد جداً كونك تعاود قراءة ما فاتك من معلومات لم تنتبه مرة أنك نسيت أن تطالعها جميل جداً جداً بين الحين واﻵخر أن تقام محاضرة عن مدينة تعنيك كونك منها وأنت منها سوري حتى العشق لسوريتك واﻷجمل أن يكون المحاضر على قـدِّ العنوان .

نصرة ابراهيم

المزيد...
آخر الأخبار