ونتدرج نزولاً إلى سهل الغاب في محافظة حماة الذي تساوي مساحته مساحة هولندا بل أخصب فيما إذا توافرت لها خطط زراعية طموحة. منذ أكثر من عقدين منح مزارعوها قروضاً لشراء أبقار وتربيتها للاستفادة من حليبها في صناعة الأجبان والسمن والمشتقات الأخرى التي يمكن أن تصدر إلى الخارج بعد الاكتفاء الذاتي حيث خطط على ضوء ذلك أن يكون في الغاب معمل، ألبان، ماذا كانت النتيجة؟!
كانت أن أشترى كل فلاح دراجة نارية وتزوج وبنى بيتاً.
أما من الناحية الأخرى فكر المسؤولون منذ عقدين من الزمان بإقامة قرى نموذجية على أطراف سهل الغاب من جهة الغرب حفاظاً على مساحة الأراضي التي التهمها السكن العشوائي ما جعل مساحات الأراضي الزراعية تتقلص ويهدد الأمن الغذائي ماذا كانت النتيجة؟
كانت النتيجة أن القرى النموذجية لم تنجز ومازالت في حدود الأساسات، أما الفلاحون فتكاثروا وكل عائلة تقاسمت مساحة الأرض التابعة لها وتفتت الملكية حيث كان نصيب السكن 50% من مساحة الأرض إن لم نقل أكثر من ذلك، وإذا ما استمرت هذه الحالة سوف يستورد الفلاحون منتجاتهم من خارج سكنهم، بينما هولندا دخل الفرد فيها يساوي عشرين مرة دخل الفرد في الوطن وتصدر منتجات الألبان إلى خارج حدودها لأنها تستغل كل شبر من الأرض ضمن خطط علمية، أما سكن أفرادها عمودي أي طابقي لا أفقي كما هو الحال عندنا.
المهندسون الزراعيون عندهم يعملون في الأرض دراسة وإشرافاً وتوجيهاً، أما عندنا يفتشون عن الطاولات والهواتف والسيارات ويتركون الأمر للفلاح الذي اكتسب الخبرة من خلال التجربة والممارسة على أرض الواقع.
فالنظريات التي تؤخذ على مدرجات الجامعة لا قيمة لها إذا لم تمتحن في الحقل من خلال ربط الجامعة بالمجتمع، لذلك لا يعتدي الفقر على أحد أبداً.
أحمد ذويب الأحمد