أكثر ما يضحك وما يؤلم في مسألة ضغط النفقات ، أو ترشيد الاستهلاك ، أو التقتير ، أو التقنين ، سمِّه ما تشاء ، هو الضغط الذي تطلب الجهات العامة من فروعها وإداراتها بالمحافظات أو بالمناطق ، تطبيقه في شراء مستلزماتها الضرورية من القرطاسية ومازوت التدفئة والتعويضات التي تُمنح عادةً للعديد من العاملين لقاء أعمال إضافية يؤدونها لإنجاز خدمات للمواطنين أو لتحسين عمل ما في مفصل من مفاصل تلك الدائرة أو المؤسسة !.
بينما تنفق هي – أي الجهات العامة المركزية أو الفرعية – ملايين الليرات على قضايا ليست ذات أهمية قصوى ، كإقامة حفلات أو مهرجانات أو تحديث مكاتب وغير ذلك كثير من أنواع الهدر العام والتبذير في غير مكانه!.
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، ومن باب الضحك ، في الوقت الذي تحرص فيه تلك الإدارات على استخدام الورق الأبيض لأكثر من مرة وعلى وجهي الورقة ، تراها تهدر مواعين من الورق على مراسلات وتسطير كتب ، كان يمكنها تسطيرها أو إرسالها إلكترونياً!.
وفي الوقت الذي تدعو فيه للتقنين بمازوت التدفئة ترى المدافئ بمكاتبها ( تشر شريراً ) إضافة إلى المدافئ الكهربائية ، والمكيفات التي تعمل على طاقة المولدات إذا كانت الكهرباء مقطوعة !.
وبينما تعمل بعض المديريات التي لها علاقة مباشرة بحياة الناس ، كالمصالح العقارية على ضوء الجوالات أو القداحات ، ترى مديريات أخرى تنعم بكهرباء المولدات وغيرها ، وكل ذلك بحجة ضغط النفقات ، علماً أن إيرادات المصالح العقارية السنوية بمئات الملايين من الليرات !.
وكم هو مضحك ومؤلم أن ينجز موظف ما عملاً قيمته عشرات الملايين من الليرات التي تدخل خزينة الدولة ، بينما تخصص لها مكافأة قيمتــــها العظمى 7 آلاف ليرة فقط لا غير !.
بالتأكيد نحن كصحافة مع ضغط النفقات وترشيد الاستهلاك وخصوصاً في ظروف مثل ظروفنا ، ولكن شريطة أن يكون ذلك بالموضع الصحيح والطريقة السليمة .
محمد خبازي