حملات دعم الليرة التي نشهدها اليوم بالعديد من مدننا وبلداتنا ، هي ليست أكثر من مبادرات أهلية للفرح وخلق جو عام من الإيجابية لدى الناس التي تعاني من الفقر ، بسبب ضيق ذات اليد والغلاء الفاحش الذي طال كل مستلزمات حياتها المعيشية .
وهي – أي تلك الحملات – على جماليتها وبهجتها لن تؤثر بالاقتصاد الوطني ، ولن تعيل أسراً فقيرة ولن توفر للمحتاجين مصدرَ دخل ثابتاً.
وإنما ما يؤثر في الاقتصاد ويقوِّي عملتنا الوطنية رمز بلدنا وعزنا، هو الإجراءات العملية التي اتخذتها الحكومة مؤخراً لتطبيق المرسومين 3 و 4 ومنها القبض على العديد من المتلاعبين بالعملة الوطنية والأجنبية ، وفتح مصرف سورية المركزي أبوابه لشراء العملات الأجنبية من حائزيها بسعر تحفيزي ومن دون وثائق ، وتفعيل الرقابة التموينية وتشديدها على الأسواق وضبط التجار والباعة المخالفين والذين يبيعون المواد الغذائية وغير الغذائية بأسعار عالية وغير مشروعة.
وباعتقادنا الدعم الشعبي الحقيقي لليرتنا يكون بالعمل الفاعل على الأرض ، وليس على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
إذ يمكن للقادرين مادياً دعم المواطنين الفقراء بمشاريع صغيرة مولدة للدخل، يؤسسونها بالتشاركية مع الدولة بمناطقهم ويوفرون فيها فرص عمل للشباب المتعطلين عن العمل من خريجي الجامعات والمعاهد والثانويات العامة، وأبناء الشهداء وجرحى الجيش والقوات الرديفة ، وعدم الاتكال على الدولة بهذا المجال وانتظار الحكومة لتعلن مسابقات سنوية يتقدم إليها الآلاف من محتاجي فرصة عمل ولا ينالها إلاّ عدد قليل، وغالباً ما يُعاد إجراء تلك المسابقات لخلل يحدث فيها !.
فكم هو جميل ومفيد أن يبادر رجال المال والأعمال في كل منطقة من مناطق المحافظة على سبيل المثال، إلى إنشاء معامل صغيرة تحتاجها الدولة وتستوعب الشباب والمطلقات والأرامل من أبناء كل منطقة ، وتبيع إنتاجها للدولة التي توجد لها أسواق تصريف محلية أو خارجية .
فكم هو مفيد وداعم للاقتصاد الوطني ، لو بادر رجال المال والأعمال إلى إقامة مشاريع زراعية صغيرة بمنطقة الغاب مثلاً ، وأخرى صناعية في سلمية ، وأخرى سياحية في محردة ومصياف ، بالتشاركية مع الدولة شريطة أن تقدم لهم الحكومة كل التسهيلات لترخيصها و المزايا لتنفيذها والإعفاءات الضريبية لخمس سنوات الأولى بعد التأسيس ، وعدم تكبيلهم بالتصنيف الزراعي الطارد للاستثمار و المستثمرين !.
الدعم الحقيقي كما نرى لايكون بـ ( هوشات عرب) وإنما بفعل حقيقي واقعي مستند إلى أسس علمية ومجتمعية.
إن بلدنا اليوم بحاجة إلى مبادرات وطنية خلاقة بالعمل والإنتاج والتسويق وبمشاركة الدولة ، وليس إلى حملات فيسبوكية.
محمد خبازي