( أمة اقرأ لا تقرأ ! ) ، كثيراً ما نسمع هذه العبارة المؤلمة في تصنيفنا كعرب نرتع بالجهل ونعادي المعرفة ونهدر وقتنا بأمور سطحية تزيدنا تخلفاً وبعداً عن الحضارة وأسبابها ونتائجها ، وتبقينا بالدرك الأسفل وعلى هامش الحياة لقلة وعينا وإدراكنا وانتفاء دورنا المؤثر في العالم !.
هذه هي الصورة النمطية لنا كعرب في الغرب ومراكز بحوثه ، وباستطلاعات الرأي العربية والغربية التي تجرى بين الفينة والأخرى ، حول التعليم بشكل عام وقراءة الكتب والإفادة منها بشكل خاص.
فنحن شعب لا يقرأ وإذا قرأ لا يفهم ، وقد اجتهد الغرب لتكريس هذا المفهوم ولصق هذه الصفة بنا ، ترجمةً لنياته الخبيثة ، فيما ساعدناه نحن بتعزيز هذه الصورة لابتعادنا عن الكتاب وهجر المطالعة ، ونحن الذين أبدعنا الحرف وأثرينا الإبداع الإنساني بروافد ثرة ، ونحن الذين نمتلك من القامات الإبداعية السامقة التي تسطع في سماء الفكر والثقافة الإنسانية ما نمتلك ، ولم يستطع الغياب إطفاء ألقها ، ولا حملات التشويه الغربية النيل من إبداعها.
ولنا خير دليل في المعري والمتنبي ونزار قباني وبدوي الجبل ونجيب محفوظ ومحمد الماغوط وحنا مينا وحيدر حيدر وعبد الرحمن منيف وواسيني الأعرج، ونازك الملائكة وفدوى طوقان وسعاد الصباح وأحلام مستغانمي وغادة السمان وسعيد عقل ومحمد شكري وفايز خضور ونزيه أبو عفش وممدوح عدوان وأدونيس وأحمد زويل والسياب والجواهري والبردوني ووووووو والقائمة تطول وتطول !. .
وباعتقادنا ، أهمية الكتاب تُصنعُ في المدارس ومن الصفوف الأولى بل ومن التحضيري ، فعندما تُفرد حصصٌ مدرسية للكتاب غير المدرسي، تنمو هذه الأهمية مع نمو طلابنا وتصبح القراءة عادة يومية لديهم حتى وإن كانوا يعيشون عصر النت !.
ففي أوروبا حتى اليوم ورغم التطور التكنولوجي السريع ، يقرؤون كتاب الجيب بالمترو وفي الحدائق وعلى مواقف وسائط النقل الجماعي وبالمطارات وبعيادات الأطباء فماذا ينقصنا نحن حتى نكون مثلهم.؟.
ينقصنا الاهتمام بالكتاب الذي يجب أن يبنى بالمدرسة ، وللأسف معظم مدارسنا اليوم الكتاب فيها مهمل، وحصص المطالعة إن وجدت تستثمر لمواد أخرى كالرياضيات والفيزياء والكيمياء واللغات وغيرها.
وبالطبع ينبغي للتربية معالجة هذا التقصير ، وذلك يكون برفد مكتباتها من مطبوعات الهيئة العامة السورية للكتاب واتحاد الكتاب العرب ، فهي غنية بشتى أنواع المعرفة وزهيدة الثمن ، وبتكليف أمناء مكتبات من ذوي الاهتمامات الأدبية ، فالكتاب حاجة ضرورية للروح كما رغيف الخبز للجسد ، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان .
محمد خبازي