لا توجد إحصائيات دقيقة لقيم التهرب الضريبي وأعداد المتهربين خاصة مع استغلال بعض الأشخاص ظروف الأزمة وحاجة الخزينة لكل الموارد في ظل الحصار الاقتصادي الخارجي الظالم على بلدنا .
إن التهرب الضريبي تعريفاً هو مصطلح يشير إلى الجهود التي يبذلها الأفراد والمؤسسات للاحتيال بطرق قانونية ، أو غير قانونية لعدم دفع الضرائب ، أو تخفيض قيمة الضرائب عن ( الاستهلاك أو الإنتاج أو الاستيراد أو ممارسة مهنة أو تجارة ..الخ ) المستحقة للدولة .
وكما هو معروف فإن أصحاب الدخل المحدود هم الأكثر التزاماً بدفع الضرائب على دخولهم التي يتم اقتطاعها قبل استلام رواتبهم ، كما أنهم الأكثر التزاماً بدفع الضرائب بكافة أنواعها من خدمات عامة أو مصرفية وتأمينية وسواها ، وذلك تحسباً للحجز على رواتبهم التي تشكل المصدر الأساسي لمعيشتهم ، وقد صرح أحد مديري المصارف بأن الفقراء هم الأكثر التزاماً بتسديد القروض .
في المقابل فإن التهرب الضريبي يرتفع في المهن والتجارة والصناعة كونها تخضع لتقديرات موظفي الدوائر المالية وانتشار ثقافة دفترين ، دفتر يقدم للمالية يكون في أحيان كثيرة ( خسائر للمنشأة أو لصاحب المهنة والمنشأة ) أو تسجيل أرباح متدنية للتهرب من دفع الضريبة ، والدفتر الآخر وهو الصحيح يخفيه صاحب المنشأة عن المالية لأنه يتضمن أرباحاً وتكاليف فعلية وليس تكاليف هامشية ، ويستغل عدد من المتهربين من الضريبة عدم نشر بياناتهم المالية للرأي العام أو لجهات أخرى تدخل في مجال الرقابة على تسعير الخدمات والمنتجات والمستوردات ، مثال : يقوم عدد من المستوردين بتقديم بيانات في إجازة الاستيراد بأقل من أسعارها الحقيقية للتهرب من الرسوم ، وعند طلبهم تسعير المواد من قبل مديرية التجارة الداخلية يضعون أسعاراً مرتفعة للمواد التي استوردوها حتى تسعر لهم بأسعار أعلى ، ومثال آخر للتهرب الضريبي هو وضع كلفة مرتفعة للأيدي العاملة بالدفاتر التي تقدم للمالية بينما العدد المذكور لا يتطابق مع العدد والأجور المسجلة بالتأمينات الاجتماعية ، والمفارقة الغريبة أن رجال أعمال وأصحاب منشآت ممن يدعون الخسارة في دفاترهم التي يقدمونها للمالية يتوسعون في استثماراتهم مما يجعلنا نتساءل : لو كانت خاسرة فعلاً هل كانت تزيد استثماراتهم فعلاً في منشآتهم أو يستمرون بالعمل فيها لعدة سنوات ؟!.
أخيراً . . إن مكافحة التهرب الضريبي ليس أمراً سهلاً لكنه ليس مستحيلاً يحتاج إلى التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بدءاً من المنبع وانتهاء بالمصب ، مثلاً بالمواد المستوردة ، التنسيق بين وزارة الاقتصاد والتجارة الداخلية والمالية لضبط سعر وتكاليف المنتجات التي يتم استيرادها ووضع تسعيرة وتحديد الضريبة على أساسها ، كما أنه لابد من التشدد بمعاقبة المتهربين من الضريبة ومن يقم بالتواطؤ معهم من الموظفين وكذلك يجب عدم منحهم أية مزايا أو تسهيلات مصرفية أو سواها قبل التأكد من تسديدهم الضرائب المستحقة عليهم .
الضريبة بالنهاية هي حق للخزينة العامة وهي واجب على الجميع سواء كان لصناعي أو تاجر أو صاحب المهنة كما هي على الموظف خاصة أننا في وقت أزمة وحصار وبحاجة إلى الموارد صغيرة كانت أم كبيرة .
* عبد اللطيف يونس