إذا كان الغريق يتعلَّق بقشة على أمل نجاته من غرقه ، فإن المريض أي مريض يتعلق بحبال الشفاء ، كي يتخلص من آلام مرضه وينعم بالصحة والعافية .
ولكن ليست كل حبال فيها شفاءٌ وعافيةٌ ، بل قد يكون فيها نصبٌ واحتيالٌ، وخصوصاً عندما يكون المرض مزمناً أو معنِّداً ويحتاج إلى علاج طويل والمريضُ قليلَ الصبر .
فهنا تراه يهرع إلى طب العطارين و التداوي بالأعشاب غير المرخص من وزارة الصحة، أو اللجوء إلى مدعي معالجة الأمراض المستعصية خلال مدة أقصاها 15 يوماً بـ ( حنجور دوا ) أو بـ ( ظرف حبوب) الذين ينشطون على العديد من الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي ، والذين يطلبون من المرضى تحويل قيمة دوائهم الشافي المعافي المزعوم إلى حساباتهم المصرفية !.
ولأن الغريق يتعلَّق بقشة – كما قلنا بداية – يقع الكثير من المرضى فريسةً سهلةً بيد أيدي هؤلاء المدعين الذين لا يهمهم سوى جمع المال حتى لو كان على حساب صحة أولئك المرضى ، الذين يسددون لهم المال ولايستفيدون من دوائهم شيئاً ويدركون متأخرين أنهم كانوا ضحايا هؤلاء الدجالين !.
إن اللجوء إلى طب العرافين والدجالين أمسى ظاهرة عامة ، ومن واجبنا كإعلام لفت الانتباه إلى خطرها وضررها ، والتأكيد على مراجعة المشافي الوطنية والمراكز الصحية وعيادات الأطباء عند الإصابة بأي مرض مهما يكن نوعه ودرجته ، فالعلم هو وحده يشفيهم منه ويعافيهم من آثاره ، والعلاجات التي تقدمها مشافينا الوطنية وأطباؤنا هي من أفضل العلاجات بالمنطقة العربية ، والأدوية المجانية التي تقدم فيها هي من أفضل الأدوية العالمية .
فمرض السرطان على سبيل المثال لايمكن أن يعالج بحنجور دواء صنَّعه أو طبَّق تراكيبه مدَّعٍ على قناة فضائية أو صفحة فيسبوكية ، بل له برنامج علاجي مستند إلى أسس علمية تطبق بالمشافي الخاصة بعلاج المصابين به كالبيروني مثلاً والأقسام التي خصصت لمرضاه ببعض المشافي الوطنية .
والعقم عند الجنسين أيضاً لا يعالج بظرف حبوب لمدة أسبوع كما يزعم أولئك الدجالون ، وإنما وفق أسس علمية لكل حالة لا يمتلك مفاتيحها سوى الأطباء الحقيقيين .
إن العلم هو السبيل الوحيد لمعالجة الأمراض ، وخصوصاً في عصرنا الراهن الذي بلغ فيه الطب ما بلغ من التقدم ، بفضل اكتشافات وفتوحات علمية مذهلة، ولدينا أطباء بمشافينا الوطنية ومراكزنا الصحية وغيرهم ممن يعملون بعياداتهم الخاصة ترفع لهم القبعة.
فلنبتعد عن الدجالين ومدعي شفاء الأمراض بعشرة أيام أو بعشرين يوماً، فإنهم يزيدون المرض مرضاً باستنزافهم الجيوب .
محمد خبازي