نتعرف على العالم كنا من خلال الكتاب لاسيما الكتاب المدرسي، لم يكن هناك من شيء يشغلنا أثناء العام الدراسي فنجلس أمام كتب المنهاج المقرر نقرأ ونتعلم ونزيد معارفنا وحين يأتي الامتحان كان الليل يتواصل مع النهار ونحن نعيد ما درسناه لتترسخ المعلومات في ذاكرتنا، لم يكن الامتحان سوى فرصة لامتحان ذاكرتنا، كم خزنت من معلومات طيلة العام الدراسي، نافذتنا على العالم كانت الكتاب المدرسي وبعض القصص التي كنا نستعيرها من مكتبة المدرسة .
تغير الزمن من حينها حتى اللحظة باتت المعلومة تصل عبر وسائل عديدة (التلفاز،مواقع التواصل الاجتماعي) أية معلومة نريدها بات بإمكاننا البحث عنها عبر غوغل.
الموضوع ليس نحن الأجيال التي اعتادت على الكتاب ومنه استمدت مخزونها المعرفي ، الموضوع اﻵن يخص أبناءنا الطلبة في كل المراحل، قبل أيام قليلة كانت لي تجربة بلجنة تحكيم مسابقة شعرية لطلاب المرحلة اﻹعدادية والثانوية أقامتها رابطة الشبيبة في مدينتي. كانت المسابقة قد اعتمدت على محفوظات الطالب وسرعة بديهته في إلقاء بيت يبدأ بالحرف الذي أنهت به المعلمة البيت الشعري حتى أن بعض الطلبة وقفوا صامتين دون إجابة .
فاز فريق وخسرت فرق أخرى كنت أتمنى أن تكون المسابقة بين الطلاب الموهوبين قصة وشعراً وخاطرة
أن يقدموا إنتاجهم هم وليس فقط تكرار ما حفظوه من مناهجهم لنكتشف مالدينا من مواهب الشباب في حقول اﻹبداع كافة، نشجعهم نأخذ بأيديهم صوب منابر تليق بمواهبهم لعل في المسابقات القادمة تتمحور المسابقات حول إبداعات الشباب من أبنائنا الطلبة.
التجربة الثانية أيضاً كانت مع رابطة الشبيبة والحوار مع الطلاب حول القلق والخوف من الامتحان وتنظيم الوقت وكما ذكرت في المقدمة كان الكتاب لاسيما المدرسي نافذتنا على الضوء ، وبما أن الزمن قد تغير وتغيرت سبل الوصول إلى المعلومة لابد من إيجاد سبل تواكب التطور والعصر تقدم المعلومات بشكل أقل ضخامة وأكثر فائدة لجيل جديد ، جيل يمضي أغلب وقته على وسائل التواصل الاجتماعي واختصار السنوات الدراسية من 12 عاماً إلى عشرة أعوام.
فالكثير من المعلومات مثلاً في مادة اللغة العربية تتكرر من الصف السادس حتى التاسع فلماذا لا نختصر وندمج ونبتعد عن التكرار لتكون المرحلة اﻹعدادية عامين دراسيين والثانوية مثلها لينتقل الطالب بعدها إلى المرحلة الجامعية وقد بلغ السادسة عشرة من عمره.
أما في درس النص اﻷدبي لنختصر أو نغير بتقديم المعلومة نعرّف بالشاعر، عصره، بشكل مختصر ونستشهد ببعض أبيات شعره من كل قصيدة نأخذ بيتاً لنختصر المرحلة الثانوية لعامين بعد الشهادة اﻹعدادية ليختار الطالب الفرع العلمي أو اﻷدبي أو المهني .
فالمعلومة لم تعد ضمن الكتاب المدرسي بل متوفرة بمجرد كبسة زر صغير ويليق بهذا الجيل الجديد أن نسعى ونكون معه لا أن نتركه على ضفة ونحن على ضفة، لأبنائنا الطلبة صوت لابد أن نسمعه، نتحاور معهم لنصل معاً صوب صوغ أفكار جديدة ومناهج جديدة تلائم عقولهم وعصرهم .
نصرة ابراهيم