هطلت الثلوج بغزارة على منطقة محردة فاستبشر الناس خيراً و تفاءلوا بها خاصة أنها جاءت في هذا الوقت بالذات بعد أن هاجمت جيوش كثيرة العدد من فئران الحقل الأراضي الزراعية وباشرت بالتهام عشبة القمح التي طالما انتظرها المزارعون بفارغ الصبر، كما تابعت بعض الفئران المشاكسة التقدم باتجاه المنازل السكنية المحيطة بهذه الأراضي فسببت الذعر للأهالي والرعب للصغار ، رغم محاولات الجهات المعنية مكافحة هذه الفأرة المسيئة التي تهدد المحصول بالكامل إلا أن محاولاتها باءت بالفشل وزاد عدد الفئران بشكل أكبر حتى صرح أحد المزارعين القدماء بأنها تكاثرت بأعداد أكبر من حبات الحصى المنتشرة في الحقول فأصبحت مكافحتها عملية مكلفة بشكل كبير .
وسط هذه الحيرة و هذا التخبط الذي عاشته المنطقة استجاب رب العالمين لدعوات هؤلاء المزارعين الذين يعملون بجد ونشاط ليعيدوا الحياة لأراضيهم الزراعية فتعود حلقة الإنتاج الوفير كما كانت بالسابق .
هطلت الثلوج الغزيرة مترافقة بدرجات الحرارة المنخفضة وجو الصقيع المنتشر تسبب هذا الوضع بالقضاء على جميع الفئران حيث نامت بقبورها نومة أبدية فكف بلاها عن البشرية ولم يعد لأضرارها وجود على هذه الأرض .
ولأن القمح أحد المقدسات أقيمت الصلوات وأشعلت الشموع في محردة كما انتشرت رائحة البخور تعبيراً عن شكر رب العالمين على هذه الهدية الثمينة و العطاء السخي ، الذي يشيرون به إلى الثلوج التي غطت المنطقة فأنقذت محصول القمح المحبب لدى المزارعين والضروري جداً في هذه الفترة التي تتعرض فيها لحرب ضروس من جهة ولحصار اقتصادي من جهة أخرى، صرنا بحاجة لكل حبة قمح واحدة ، وسط عجز المعنيين عن إيجاد حل لهذه المشكلة العويصة ، إلى أن حلت رحمة السماء ، أخيراً نقول : أنا أريد و أنت تريد والله يفعل ما يريد .
سوزان حميش