من بدهيات قوننة أية منظومة إنسانية وضع معايير وأحكام ناظمة لها تستند إلى واقعية التطبيق و الإلزام ، وضبط الحقوق والواجبات لهذه المنظومة ، و الدستور الثقافي يمكن أن يستند إلى معايير و أحكام أخلاقية واجتماعية وقانونية ..
أرى أن مواد هذا الدستور في مراحل عمر الإنسان تتفق مع تأسيس الفرد ضمن أسرته وصولاً إلى اكتمال وعيه وفق ما حدده قانون الأحوال الشخصية والبنية النفسية والاجتماعية ، فتلتزم الأسرة بتثقيف ممنهج ضابط لبنية الطفل وصولاً إلى توعية أخلاقية ، والالتزام و ربما الإلزام يكون بمواضيع كثيرة منها ضبط القاموس اللغوي في التعامل بداية فلا يجوز قطعاً أن يسترسل الطفل أو اليافع في استخدام ألفاظ غريبة عن أخلاق مجتمعنا ، هذه الألفاظ التي قد تصل بالناشئ إلى سلوكيات تتفق مع ما يتلفظ به ، وهنا يجوز للدستور الثقافي أن يلزم الأسرة بنبذ الكلمات التي لا تتفق ورقي المجتمع حتى لو كان هذا الإلزام زاجراً حين لا يتحقق هذا طوعاً ..
التنشئة اللغوية وضبطها أول السلوكيات الصحيحة لممارسة أخلاقية صحيحة ..
وفي مسار آخر تتطلب التنشئة الأخلاقية والثقافية متابعة التصرفات العفوية أو التي تم تعلّمها بالاحتكاك الاجتماعي مع رفاق الجيل ، وهنا فإن النفور مثلاً من عادة أو أخلاق حميدة وإظهار ردة فعل سلبية تجاه هذه العادة النبيلة هو مؤشر سلبي يجب تدارك وصوله إلى قناعة وبناء نفسي ، مما يتطلب تدخّل الأسرة لتصحيح نظرة الناشئ وإعادته إلى جادة الصواب قبل أن تتشكل كإحدى مقومات شخصيته ..
بناء الإنسان ثقافياً في مراحل عمره الأولى هو سبيل من سبل الوصول إلى مجتمع قوي قادر على التماسك في وجه التحديات مهما كان نوعها ..
ولعل واحدة من حسنيات إحاطة الطفل أو اليافع بالرعاية الثقافية والالتزام بالدستور الثقافي الناظم لهذا التوجه، هو التزام الكبار أنفسهم بالسلوك و الابتعاد عن نقيض ما يتم تعليمه لأبنائهم ، حتى لا ينطبق قول: (لا تنه عن خلق وتأتي مثله ..)
في الإضاءات التالية محطات مع رؤية حالمة للدستور الثقافي آمل أن أراها واقعاً ..
سامي محمود طه