في عصرنا الراهن ، لم يعد الأُميُّ ، من لا يجيد القراءة والكتابة ، وإنما من لا يستطيع التعامل مع الحاسوب وتطبيقاته ، بل مع الهواتف الجوالة الذكية والتكنولوجيا الحديثة ، التي أمست عصب الحياة وشريانها الأبهر .
وإذا كان من الضروري للمواطن العادي ، أن يمحو أميَّتهُ المعلوماتية ليواكب عصره ، أو على الأقل ليقترب من أولاده بهذا المجال المعرفي ، فإن الإعلامي مُطالبٌ بأكثر من ذلك بوقتنا الراهن ، إذ لم يعد مقبولاً على الإطلاق ألاَّ يكون الإعلامي – أيُّ إعلاميٍّ – غيرَ ملمٍّ بالتكنولوجيا الحديثة والإعلام الإلكتروني، أو غير قادر على استخدام الحاسوب أو الهاتف الذكي ، لأداء مهامه وإنجاز مواده الإعلامية .
فالزمن لا يرحم من يقصر بمواكبة تطوره ، وهذا العصر لم يعد عصر الورقيات ، بل عصر البرمجيات والمدونات والمواقع الإلكترونية ، سواء اعترفنا بذلك أم لم نعترف ! .
والدليل على مانقول ، أن كل فرد بأي بيت من بيوتنا يملك هاتفاً جوالاً حتى أصغر أفراد الأسرة سناً ، ولربما حاسوباً محمولاً أو أيباداً أيضاً .
وأن كل شخص لديه صفحة فيسبوك أو مدونة إلكترونية يغذيها يومياً بما تجود به القريحة ، وبما يرغب بإطلاع الآخرين عليه وبمشاركته به .
وأما الإعلامي الذي يمتلك من تلك الوسائل ما يمتلك، فإنه يسعى على الصعيد الشخصي لتحقيق أوسع انتشار لأفكاره ورؤاه ، عبر مدونته الشخصية أو من خلال المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها ، سواء كانت صحيفة ورقية أو قناة تلفزيونية أو موقعاً إلكترونياً ، والتي تعوِّلُ عليه لتغذية محتواها بالمواد الجاذبة للمتابعين الإلكترونيين .
ومن هذا المنطلق ، نرى أن الدورة التدريبية التي يقيمها اتحادنا – الاتحاد العام للصحفيين السوريين – بمحافظتنا بعنوان : ( إدارة المواقع الإلكترونية .. إدارة المحتوى ) ويشارك فيها العديد من الزملاء العاملين بالإعلام العام والخاص ، تشكل البنية المعرفية الأساسية، بل التأسيسية للتعامل مع إدارة محتوى الإعلام الإلكتروني بمنهجية ودراية علمية، والمساهمة بتطويره قدر المستطاع ، والتأهل النفسي كأضعف الإيمان لمواكبة هذا النوع من الإعلام الذي أمسى راسخاً في واقعنا وأساسياً في حياتنا .
وبالتأكيد نحن كإعلاميين محترفين أو هواة بحاجة ماسة للتأهيل والتدريب ، والنهل المستمر من هذا العلم الغزير ، والإفادة منه بعملنا اليومي على مدار الساعة ، للتأثير الفاعل بالرأي العام المحلي والخارجي ، ولامتلاك القدرة على مواجهة الإعلام الآخر المضلل .
ويُشكر فعلاً اتحاد الصحفيين العام على إقامته هذه الدورة بمحافظتنا ، التي تؤكد سعيه الجاد والمستمر لتأهيلنا وتدريبنا على آخر المستجدات بهذا الميدان الذي نحب وارتضينا العمل فيه بشغف لا يحدُّ ، ولتطوير الإعلام السوري بكل أنواعه الذي اتخذه على عاتقه بالتعاون المثمر مع وزارتنا .
محمد خبازي