في 1 آذار من عام 2009 حددت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) العيد العربي للاحتفاء باللغة العربية , وذلك تنفيذاً لقرار القمة التي عقدت في دمشق في 1 آذار 2008.
وفي ذكرى العيد العربي للغتنا الجميلة أقول إن هذه اللغة لا يكفيها يوم في العام أو يومان لكي نحتفي بها , بل إنها محتاجة من أبنائها الرعاية والاهتمام , والدفاع عنها ضد هجمات أعدائها , كل وقت وحين .
ولابد أن نرفع القبعة عالياً لكل غيور على هذه اللغة العظيمة التي تمثل هوية العرب وانتماءهم من المحيط إلى الخليج , يعتز بها , وبما تتحلى به من ثراء كبير يجعلها قادرة على استيعاب علوم العصر الحديثة . وتجربة الجامعات السورية في تلقين علومها في الكليات العلمية باللغة العربية , والتي أثبتت نجاحها , وكفاءة المتخرجين منها , دليل قوي على قدرة هذه اللغة على استيعاب علوم العصر الحديث.
والذي يبعث في نفوسنا الأسى, ما تعانيه لغتنا على أيدي أبنائها من استهانة وإهمال فنجد الضعف اللغوي الكبير عند الناشئة , وطلاب الجامعات, أضف إلى ذلك ما يكتب في وسائل التواصل بلغة عامية , أو أحرف أجنبية , أو لغة ضعيفة تمتلئ بالأخطاء اللغوية والإملائية, وقد بلغ هذا الأمر حداً لا يمكن السكوت عنه , بل يدعونا إلى دق ناقوس الخطر , فضياع اللغة العربية ضياع للمتكلمين بها الذين تجاوز عددهم نصف مليار إنسان.
وضياع لغتنا الفصحى يسعى إليه الذين خططوا لمؤامرة (الربيع العربي) , وما تدمير المتاحف , وسرقة الآثار , وإحراق المكتبات , إلا دليل على ما يريده أعداء لغتنا وأمتنا الذين يقفون خلف أدواتهم المنفذة لمخططهم المرسوم.
لقد بذل أجدادنا العرب جهوداً مضنية في ضبط القواعد , وجمع المفردات , وكتابة المعاجم , وكانوا يرسلون أولادهم للبادية كي يتعلموا اللغة أصيلة خالية من اللحن (الخطأ اللغوي) , واللحن كان عاراً يلحق بصاحبه , وذكرت كتب الأدب بعضاً من تلك الأخبار , ومن ذلك أن قائد جيش الخليفة المأمون خطب مرة في جنوده فأخطأ في كلمة فوجه الجنود كتاباً للخليفة يطلبون عزله من منصبه فاستجاب لهم , وعزله.
فلغتنا الجميلة الفصيحة لا تزال تمثل أقوى عوامل الوحدة العربية التي تحلم بها الملايين , وما أجمل قول الشاعر :
لغة إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا بردا على الأكباد
ستظل رابطة توحد بيننا فهي الرجاء لناطق بالضاد
د. موفق السراج