وكأن أحداً انهال عليها ضرباً بعود رمان ، فهبت هبوباً مريعاً ، وقفزت قفزاً سريعاً ، لتبدو أسواقنا المحلية اليوم كمجنون حقيقي أُفلتَ عقاله ، والأسعار فيها لاتطاق أكثر من أي وقت مضى !.
إذ كيف تطاق وكيلو الليمون بـ 800 ليرة وكيلو البصل اليابس بـ 750 ليرة وكيلو البصل الأخضر بـ 650 ليرة وربطة الفجل المصقوعة وغير صالحة للأكل وذات 6 فجلات بـ 200 ليرة ؟.
وعلى ذلك يمكن القياس أيضاً ، فكيلو التفاح بـ 800 ليرة والبرتقال بـ 300 ليرة ، والفروج المنظف بـ 1650 ليرة وكيلو لحم الخروف المدهن بـ 13 ألف ليرة، والجدي مجهول المصدر بـ 9 آلاف ليرة .
ربما يمكننا أن نفهم أو نبرر ارتفاع أسعار المواد المستوردة، أو التي يدخل في إنتاجها و صناعتها مواد مستوردة ، ولكن ما هو مبرر أن يصل سعر كيلو البصل إلى هذه العتبة العالية ، وأن تبلغ ربطة الفجل هذا السقف العالي الذي لم تبلغه من قبل ؟.
واليوم يسأل المواطن عن دور السورية للتجارة بهذه الأسواق وأين تدخلها الإيجابي لصالحه ؟.
ففي مثل هذه الأزمات كانت تستجر كميات كبيرة من المواد التي يتحكم التجار بأسعارها كالبطاطا والتفاح على سبيل المثال لا الحصر ، وكانت تطرحها بصالاتها ومراكز بيعها بأسعار مقبولة جماهيرياً ، ولكنها اليوم تنأى بنفسها عن المواطن وتترك الميدان للتجار الذين ينفردون به ويتحكمون بانسياب المواد وتدفقها إلى الأسواق و يتلاعبون بأسعارها الكاوية.
وأما الرقابة التموينية فباعتقادنا غير قادرة على التصدي لموجة الغلاء الكاسحة هذه ، التي تجتاح أسواقنا، فهي بحاجة إلى عدد كبير من المراقبين ولاتملك منهم سوى 80 بما فيهم بعض الموظفين الإداريين الذين تكلفهم التجارة الداخلية بمهام حماية المستهلك ، لتغطية كل أسواق المحافظة وليس مدينة بعينها فقط من مدنها!.
ولعل شراء وزارة التجارة الداخلية المواد الضرورية للمواطن من المنتجين مباشرة، أي من دون حلقات وسيطة، وطرحها بالأسواق بأسعار معقولة لا مجنونة، ربما يكون الحل الوحيد لكبح جنون أسواقنا المرعب .
محمد أحمد خبازي