قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بإلزام المخابز الخاصة ببيع الخبز للمواطنين بعد السابعة صباحاً، لم يلقَ قبولاً جماهيرياً واسعاً، وخصوصاً من العاملين بدوائر الدولة ومؤسساتها الذين لا يُمكِّنُهم دوامُهم من رغيفهم، فصاروا يلجؤون إلى باعة الأرصفة والساحات ليشتروا الربطة ذات العشرة أرغفة بـ 200 و 250 ليرة !.
ورغم ذلك تراه الوزارة والجهات المعنية بالمحافظة قراراً صائباً، فهو – كما ترى – ضبطَ سرقة بعض أصحاب المخابز للدقيق التمويني والمازوت المدعومين ، بمبالغ كبيرة تكبد خزينة الدولة أعباء إضافية ، فيما يتاجر بهما بعض أصحاب تلك المخابز ويجنون أرباحاً فاحشة ( على البارد المستريح) كما يقال بالمأثور الشعبي.
وتقدم دليلاً على ذلك بأنها توصل لهم طن الدقيق بـ 120 ألف ليرة، بينما يبيعونه تهريباً بـ 200 ألف ليرة ، ولتر المازوت بـ 135 ليرة ويبيعونه بـ 400 ليرة !.
وبالطبع هذه الحال، أي عدم تمكن العديد من المواطنين من حصولهم على رغيفهم بالصباح المبكر بالمدن أو بالأرياف، شكل ازدحاماً شديداً على المخابز الآلية بالمحافظة ، ما دفعها لزيادة إنتاجها بغية تلبية حاجة المواطنين ، وهو ما يعني بصيغة أخرى ضغط عمل شديد على العاملين بتلك المخابز، وعلى بيوت النار فيها وآلياتها ومعداتها ، واستجرار كميات إضافية من الدقيق التمويني من السورية للحبوب التي صارت والمطاحن مؤسسة واحدة !.
بمعنى آخر – وهذا واقع وحقيقي – لقد خلق ذلك القرار أزمة للمخابز العامة ، وللمواطن وبشكل خاص كما قلنا للموظف الذي لا يستطيع الوقوف أمام كوى المخابز الخاصة، وانتظار دوره حتى يحصل على رغيفه .
ولهذا، من الضروري توفير الخبز بصالات السورية للتجارة، وبمراكز بيع المخابز ، واعتماد محال تجارية ومولات وسوبر ماركات بكل مدينة وقرية وحي ، لتوفير ربطة الخبز للمواطن بدون أية مشقة ومعاناة ومبالغ إضافية يدفعها مرغماً لباعة الخبز بالسوق السوداء .
وباعتقادنا، كان ينبغي لوزارة التجارة الداخلية المعنية بحماية المستهلك ، أن تفكر بآلية سليمة ومريحة يستطيع المواطنون عموماً والموظفون خصوصاً الحصول على خبزهم من خلالها ، قبل اتخاذ ذلك القرار وإلزام المخابز الخاصة به .
ونتمنى ألاَّ يُفهمَ من حديثنا هذا ، أننا ندافع عن أصحاب المخابز الخاصة ، أبداً و مطلقاً، فنحن نعرف وربما أكثر من غيرنا أن بعضهم لصوص والضبوط التموينية تؤكد بعضاً من زعمنا !.
ولكننا ندافع عن المواطن الذي يخرج من أزمة ليقع بأزمة وكأنه مكتوب عليه دوام الأزمات ، بسبب قرار أو إجراء حكومي لم تُدرس سلبياتُهُ قبل إيجابياته !.
محمد خبازي