أيام عصيبة يعيشها إنسان هذا العصر على امتداد مساحة الكرة الأرضية ، تتشابه معاني الأحاديث على الرغم من اختلاف اللغات .. الخوف القلق الشائعات احتمالات قاتمة للآتي ، وعودة إلى الحكماء ودررهم والأنبياء ورسالاتهم وحتى أقوال المنجمين تترى في مهب النقل و مماحكات الألسن .. هذه الأيام وحدت مصير العالم بتناقضات مجتمعاته و أهدافه وغاياته ، وحدت أبناء الكون مع الفوارق الساحقة في مستوياتهم العلمية والاقتصادية وعاداتهم وتقاليدهم .. هذه الأيام أعادتنا جميعا إلى آدم وحواء فروابط نشأتنا واحدة حياة و بحث في ميادين صراع البقاء .. هذه الأيام عاد جلجامش بلبوس علماء الطب والبحث في رحلة استكشاف ترياق الخلود و تحدي الموت والفناء .. ولكن أين نحن من كل ما يجري ؟ في تلاطم الأمواج لا شطآن آمنة لمراكب في عرض البحر .. كورونا الساحرة الشمطاء الشريرة تركب عصاها وتجوب الشوارع والأنفس الواهنة معلنة بقهقهاتها الحزن والهلع وفراق أحبة .. هذه الأيام محن و تباريح ولكنها ليست أكثرها وجعا .. فقد ألمت بالبشرية نوائب فاتكة سجلت حضورها في صفحات الإنسانية السوداء .. عواصف الطاعون والهوا الأصفر و السل و الإرهاب البغيض هي جدات لأيام الكورونا هذه و انتصرت الإنسانية بالعلم و العقل و سينتصر الإنسان في هذه أيضا و ستجر الشمطاء خيبتها وتمضي متوعدة غاضبة و سيعود الناس يتسابقون في رحلة الصعود على سلالم الطموح الملون .. لكن كم هي ثمرة طيبة لو أن أصحاب القرار في العالم استدركوا وحدة الآلام و الآمال لسكان هذا الكوكب واتجهت الغايات إلى مسار نبيل يرتقي بحياة البشر .. هذه الأيام نحن أبناء سورية علينا أن نتعلم من المصيبة العالمية فننحني إجلالا لمن يرشدنا إلى سبل خلاصنا ويدفع بنا إلى واحات السلام والأمان في وطننا ونقتدي بأفكارهم منطلقين من التزام محصن لنواة المجتمع الأسرة .. هذه الأيام ليست الأخيرة فلننتصر للخير و القيم و لنكف عن الاستهتار ولنكن شركاء في نقاء البقاء و الانطلاق من جديد ..كما في كل محطات السواد جمعتنا هذه المحطة ..ما زلنا نواجه شياطين الخراب والفكر الظلامي ، ما زلنا في مهاوي الاستكبار نتخبط ، و ما زالت أيضا أعين الأعداء على اختلاف اماكنهم وغاياتهم تتربص بنا فكيف لا يصحو فينا الانتماء إلى سوريتنا .. ليتنا نتعلم مما يعصف بأماننا هذه الأيام. ليتنا نفعل
سامي محمود طه