على ضفاف العاصي : العقل التجاري..

 الواقع المادي للإنسان يعزز الاهتمام العقلي ومسار التفكير، وهذا مايكشف الرغبة العارمة لدى الناس, وخاصة عندما يُثار النقاش والحوار بين مجموعة من الناس إذ إن كل واحد يتمترس خلف الفكرة التي يحملها دون الأخذ بمصالح الآخرين, فالهام في الموضوع بالنسبة له تسود الأفكار التي يحملها هذا أو ذاك وكل مايهمه الربح ليس غير الربح, ولو كلفه ذلك أن يقسم بكل المقدسات بأن هذه السيارة أو تلك هي الأفضل والأحسن وخسر فيها كذا من الأموال ويقول السمان أو بائع المواد الغذائية: إن هذه المادة كلفتني شراء ونقلاً بمبلغ كذا, بينما تاجر العقارات يكمن في منعطفات الشوارع ناشراً شباكه كي يصطاد ذوي الحاجة من الناس ويربح من البائع والمشتري كالمنشار الذي ينشر الخشب مستغلاً حاجة المواطن, فهناك فرق شاسع بين الخشب والإنسان ـ الخشب لاروح فيه ولاحياة ولا عواطف ولا أحاسيس, بينما الإنسان له طابع إنساني يهذب النفس, ويرقى بها إلى مدارج الإيمان مؤكداً أن الحياة ليست هي المال فقط, فالمال في علم الحياة يحقق حاجات الإنسان من غذاء وكساء وسكن, وكل زيادة في هذا المجال هو احتكار وكنز للمال على حساب من ليس لديه مال يسد رمقه, إذ إن القاعدة الاجتماعية التي يتناقلها المجتمع عبر الأجيال من أفواه الحكماء والمصلحين مااغتنى إنسان إلا على حساب فقير من ليس لديه مال يستغل جهده, وما افتقر إنسان إلا بفعل غني، لأن هذا التفاوت يتناقض والعدالة والمساواة، لذلك إن العقل التجاري الذي يعتمد الربح الحرام الفاحش والسمسرة ويسخّر إمكاناته لتخريب العقول واغتيال المصداقية في التعامل لايعيش إلا في مناخات غير صحية. ولايكتفي أصحاب هذا العقل بتحقيق مايريدون من أموال بل يتجاوزون هذا المبدأ إلى تخريب النفوس بأموالهم وخاصة النفوس الهشة التي تنطلق من مقولة (الحلال على الشاطر) متناسين أن الحياة تسير في توازن مثل البيئة فكل خلل يؤدي إلى أمراض وموت، فالمال الحلال يؤدي إلى الصحة والمال الحرام يؤدي إلى المرض, فالمال مع المرض لايخلق سعادة والفقر مع المال الحلال يؤديا إلى الصحة والسعادة فاختر أيهما أفضل لتستمر الحياة.

أحمد ذويب الأحمد

المزيد...
آخر الأخبار