لمناسبة العيد ، ينبغي أن تكتب عن الفرح ، عن المحبة ، عن التوادد والرحمة ، عن الروابط الأسرية التي تجمع أفراد الأسرة الواحدة ، وعن العلاقات الجميلة التي تربط الناس بوشائجها ، ولكن كيف لك ذلك ، وتلك الحال صارت من المُحال !.
فلا العيدُ عيدٌ ، ولا حياةُ الناس موَّارةٌ بالفرح ، ولا الظروفُ المعيشية التي نرتعُ فيها تسرُّ ، فبأي مدادٍ ستكتبُ وقد كان ياسميناً فأمسى قطراناً ، وعن أي عيد ستعبِّرُ وقد كان مهرجان فرحٍ وصار مأتماً !.
ففي كل بيتٍ وجعٌ ، وفي كل قلبٍ غصَّةٌ ، وفي كل روح طعنةُ تاجرٍ !.
تسعُ سنوات وأكثر من حرب ضروس ، طالت البشر والشجر والحجر كما يُقال بالمتداول الشعبي ، ولكنها لم تستطع أن تكسرنا كما كسرنا حيتان المال في هذه الأيام ، ولم تتمكن من خنق فرحنا بأي عيد ، كما تمكن كبارُ التجار والمحتكرين والمتلاعبين بقوت يومنا في هذا العيد !.
فكيف ستعيِّدُ أسرةٌ لا تجدُ من قوتها رغيفاً ، وجعلها ضيقُ ذات اليد مكسورة الروح والخاطر ؟.
وكيف ستعيِّدُ أسرةٌ تتمنى ألاَّ يطرقَ أحدٌ – قريبٌ أو صديقٌ – بابَ بيتها ، لأنها غير قادرة على تقديم كاسة شاي لأي طارق ؟.
وكيف سيفرحُ أبٌ بالعيد ، وهو لم يستطع أي يوفر لأسرته ولو الحدود الدنيا من مستلزماته ؟.
وكيف سيمرحُ طفلٌ بالعيد ، وهو لم يرتدِ ألبسة جديدة ولم ينتعل حذاءً جديداً ؟.
وكيف ، وكيف ، وكيف سنحتفي بالعيد ونحن جيوبٌ خاويةٌ وبطونٌ ضاويةٌ ؟.
بكل الأحوال ، سنظلُّ محكومين بالأمل ، ونردد العبارة التقليدية : كل عيد ونحن المواطنين البائسين بألف خير !.
محمد أحمد خبازي