ردُّ فعل الناس المُبالغُ به بعد قرار الحكومة إلغاء حظر التجول الليلي ، وخروجهم يوم أمس إلى الشوارع سيراً وعلى الدراجات النارية وبالسيارات ، مخيفٌ للغاية ومؤشر خطير على أنهم سئموا من الإجراءات الاحترازية والوقائية من فيروس كورونا ، ودليل قطعي على أنهم غير مصدقين حكاية الفيروس جملةً وتفصيلاً ، ويدل على أن أي دعوة للاهتمام بالصحة العامة والسلامة المجتمعية ، لن تلقى لديهم آذاناً مصغيَّة، ولن تحظى بأي قبول جماهيري مهما ضخَّ الإعلام من تحذيرات وتنبيهات مستقبلية !.
لقد بدت شوارعنا أمس وكأنها تشهد يوم الحشر ، فكل الناس وبمختلف فئاتهم العمرية وشرائحهم المجتمعية ، كانوا فيها للتعبير عن شغفهم بالحياة وحبهم للتحرر من أسر المنازل وقيود الحظر ، وغير مكترثين بأي عواقب محتملة لهذا التدفق البشري .
وبالطبع يجب ألاَّ نرتاح لمثل هذا السلوك الجماعي ، و ألاَّ نعدُّه دليلَ عافية ، فالبلد لمَّا يزل حاضناً للفيروس ، ولم يُعلن نظيفاً منه مئة بالمئة ، وليس بالضرورة أن يكون هذا الفيروس موجوداً في مراكز الحجر الصحي المعروفة ، أو بين المحجورين فقط ، بل قد يكون مقيماً بأي شخص منَّا ولكننا لا ندري ولانشعر بوجوده ، ولربما يتحيَّنُ الفرصة المناسبة للظهور العلني ، أو الوقت المناسب له كي ينتشر !.
فإلغاء الحظر في البلاد لايعني أننا انتصرنا على الفيروس ، ومن ثَمَّ يحقُّ لنا أن نخرج بمسيرات راجلة ومؤللة ، وأن نعقد حلقات الدبكة الشعبية ، ونطلق الأهازيج الفلكلورية والزغاريد التراثية ، للتعبير عن انتصارنا عليه ، وسحقنا له ، في الوقت الذي تُسجَّلُ فيه إصاباتٌ جديدةٌ ، و لمَّا تزل مراكز الحجر الصحي المعتمدة تغص بالمحجورين .
بالمختصر المفيد ، الفيروس لمَّا يزل مقيماً بيننا ، والخطرُ لمَّا يزل محدقاً بنا ، مالم تعلن وزارةُ الصحة بلدَنا الحبيبَ نظيفاً تماماً وخالياً خلواً نهائياً منه .
ويجب أن نعي أن إلغاء الحكومة للحظر لأسباب اقتصادية تحت ضغط الظروف المعيشية القاسية ، هو قذفُها لكرة الوقاية والحماية من هذا الفيروس اللعين إلى مرمانا نحن المواطنين ، كما فعلت حكومات دول عديدة مؤخراً ، سبب لها الحظر مشكلات مجتمعية واقتصادية بالغة الحساسية.
وعلى هذا الأساس ينبغي أن نحدد طرق عيشنا وسبل حياتنا كي لاتقع الفأس بالرأس.
محمد أحمد خبازي