على ضفاف العاصي
مع إطلالة أيلول وتطاير ورقه الأصفر في الشوارع والأزقة، ثمة مشاعر مغلفة بالحنين والشوق ،الحنين للطفولة والبراءة و(الشقاوة )،مشاعر تنداح كنسائم الخريف وهو يحث الخطا إلى آفاق ٍ رحبة لا تحدّها حدود …
في الصباحات الجميلة تباغتك فيروز وهي تردد
(ورقو الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك ..) تأخذك عبر رحلة لا تنتهي من الذكريات الدافئة ،ذكريات من نبض وروح …
مع إطلالة أيلول تبدأ حياة جديدة بكل تفاصيلها وطقوسها وحيثياتها …فالمدارس تفتح ابوابها وتستقبل بحنو وفرح تلاميذها وطلابها ومعلميها ومدرّسيها ،تستقبلهم بشوق لا ينقطع بعد عطلة صيفية حافلة بالعمل والعطاء …
في الصباحات الباكرة يتجه الطلبة إلى مدارسهم التي اشتاقوا لها …اشتاقوا لقاعاتها الصفيّة ..لباحاتها …لمقاعد الدراسة وهم أكثر ثقة بالمستقبل الذي ينتظرهم ويسعون إليه بالجد والاجتهاد..بالمثابرة والتفوق ..يأخذهم الحنين إلى الاجتماع الصباحي وتحية العلم وعيونهم وأفئدتهم ترنو (على علم ٍ ضم شمل البلاد )بعينيه الخضراوين ، يرون من خلالهما سورية الجميلة ،البهيّة،المتجددة ..
يواصلون الدروب ،يسهرون ،ينهلون العلم والمعرفة والقيم النبيلة من مدارسهم …من معلّميهم …من مدرّسيهم …بناة الأجيال ..صنّاع الحياة ..
تفتح المدارس أبوابها لتبدأ دورة حياة جديدة ليس للطلبة فقط ،إنّما للأهل والمجتمع …الأمهات يستيقظن باكراً. .لتجهيز الأولاد وإرسالهم إلى المدرسة ..تمتلىء حقائبهم بالكتب والدفاتر وعبوة الماء و. ….بعضهم يذهب بالسرافيس والبعض الآخر سيراً على الأقدام ،كما كان الوضع في أيامنا حيث كنا نذهب إلى المدرسة مشياً من الصف الأول وحتى نهاية المرحلة الثانوية . .كنا نشعر بسعادة لا نتعب لا نتأفف …
نعم تغيّرت ظروف الحياة من كافة النواحي ،لكن يظل العلم هو الهدف الأنبل والأسمى للأهل والطلاب والمجتمع ..
مع إطلالة العام الدراسي الجديد نقول للأبناء الطلاب والزملاء المعلمين :انتم الأمل الذي يصبو إليه المجتمع ،ومن خلالكم يعلو البنيان ،لأنكم أنتم من يرسم ملامح المستقبل ،مستقبل سورية القوية ،سورية المتطورة بالعلم والمعرفة ،دروبكم دروب الخير ،وعقولكم المصابيح التي تنير وتبني ،بوركتم وانتم من يمضي بهمّة عالية وإرادة صلبة لتكتبوا اسم سورية على مدارج الشمس وبين ايديكم كلّ الدروب إلى المجد العظيم…
*حبيب الإبراهيم