من مرافىء الذاكرة : عطلة الربيع…؟!

على ضفاف العاصي

ما ان ينتهي امتحان اليوم الأخير في الفصل الأول  وكان غالبا”يوم خميس حتى نبدا بضبّ اشيائنا …أغراضنا الخفيفة -وهي قليلة – من لباس و…
عيوننا ترنو إلى الشمال بانتظار وصول (طبطاب ) العم (أبو نزار ) رحمه الله…كنا نتأهب ونقف أمام باب المنزل ونراقب الطريق…كنت في الصف السابع وأخي محمد في الصف الثامن…كان ذلك قبل أكثر من أربعة عقود …
المسافة التي يجب أن نقطعها من قصر ابن وردان إلى الصبورة لا تتجاوز النصف ساعة…نسأل بعضنا لماذا تأخر إذا” ؟لماذا لم يصل بعد ؟..نمصي ساعات الإنتظار امام المنزل جيئة ً وذهابا …
كان والدي يرسله في اليوم الأخير من الامتحان …(موتور ) ضخم نوع هنغاري ..هو الوحيد في القرية….كانوا يسمونه (طبطابا”) ..ربما لضخامته او لصوته القوي …ما يعنينا نحن انه ينقلنا إلى القرية دونما عناء…  يردفنا العم ( ابو نزار ) خلفه وينطلق بنا مسرعا” إلى القرية …الطريق ترابية لزجة لذلك تكون السرعة خفيفة خوفاً من الإنزلاق …
كان الشوق يسبقنا…قلوبنا ترقص فرحاً ، علينا ان نعبر عدّة قرى…..تلّ اغر …ابو مرو….سروج…الشيحة …حتى نصل إلى قصر ابن وردان …..
كنا نشتاق للقرية …للأهل…للأخوة…لملاعب الطفولة….لبيتنا الطيني …لبئر الماء والدلو ….
العطلة الإنتصافية …أو كما كانو يسمونها عطلة الربيع بالرغم من انها تأتي في كانون الثاني …في عز الشتاء…في عز البرد والأمطار الغزيرة ، وكانت تمتد لاسبوعين …نقضيها بفرح بين الأهل والأصدقاء…هي اجازة …فترة راحة بعد فصل دراسي حافل بالجد والإجتهاد …وغالبا”ما يكون الطقس ماطرا”أو تتساقط الثلوج خلالها ، تكثر الزرازير ، ويبدأ اهالي القرية بإزالة الثلوج عن أسطح البيوت الترابيّة خوفاً من الدلف او الإنهيار  ……مع هكذا أجواء نضطر للمكوث في المنزل بجانب المدفأة مع الأكلات الشتوية المعروفة مثل الكشك …أذان الشايب …الزليبة …المحمرات … والإستماع للراديو ..
كانت العطلة  تنقضي بسرعة …لا نشعر بها…وعلينا أن نشدّ الرحال ثانية لبدء الفصل الدراسي الثاني…
اليوم العطلة الانتصافية منتصف كانون الثاني …مدتها أقل وفي عز الشتاء…كل عطلة انتصافية وأنتم بخير……..
*حبيب الإبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار