على ضفاف العاصي: على عتبات السّتين …؟!


ثمّة مشاعر لا يمكن وصفها عندما تقترب من عتبات الستين ، اسئلة وهواجس تتداخل فيما بينها ، سنوات طويلة إنقضت بحلّوها ومرّها، أحداثٌ ومواقف متشعّبة ..متشابكة …متداخلة …لا يمكن بلحظة ما أن تردفها خلف ظهرك ،لأنك عشتها بكل تفاصيلها ….زملاء مهنة ، زملاء عمل حفروا في مسيرة العمر قصصاً وحكايات نابضة بالحب والاحترام والتقدير ..
على عتبات الستين تودّع طقوس عملٍ يوميّة ..من الاستيقاظ باكراً ، وشرب القهوة الصباحية على صوت فيروز ، العصافير تطير جيئة ً وذهابا تكتب أناشيدها الأولى …أصايص الحبق لا تملّ من الندى الذي يعانق وريقاتها بحنو …ربما تتناول فطورك المعتاد ، وعلى عجل تجمع أشياءك وتمضي إلى عملك بمحبة وتفاؤل ، لا يمكن لأيّ إنسان أن يعطي ويبدع في عمله ، إن لم يُحبّه من داخله ، يشعر بلهفة اتجاهه ، يتقنه ويعشقه ، وبالتالي يستطيع أن يعطي ويُفيد في موقعه الذي هو فيه….الخبرة تأتي تباعاً من خلال الإطلاع والتدريب والبحث المستمر وعدم التّوقف عند نقطة معيّنة ، وغيرها من وسائل لصقل الخبرة والتجربة وصولاً إلى التميّز والإبداع ..
على عتبات الستين يفيض الحنين شالاً من الحزن ، الحزن الشفيف وانت تقترب من نهاية الخدمة والتي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود ، توزّعت هنا وهناك ، امكنة ارتبطت بالذاكرة ، أمكنة نابضة بكل ما تضمّه من زملاء ورفاق و..
طرقات ٌ تأخذك وانت في كامل التّوق إلى حيث تعمل بهمّة ونشاط …الالتزام والانضباط والعطلء والتفاني في العمل ، هو السبيل لكسب محبة وتقدير الجميع …هو سلوك ٌ يومي وليس طفرة أو حالة عابرة ، يصبح مع الوقت لازمة لا يمكن إلا وان تحصد النتائج الايجابيّة تميّزاً وإبداعاً..
على عتبات الستين تتزاحم الأسئلة ، والتي تدرك سلفاً إن ّ الاجابات عنها ، هي طي الأيام التي انقضت خلال سنوات العمل …خلال عملي الوظيفي والذي تنوّع بين التربية والاعلام والشبيبة كانت الفرص غنيّة لصقل الخبرة والتجربة والتعرف اكثر على قنوات وخصوصيات العمل بكل ما يحتويه من حالات ومواقف ….ايجابيات وصعوبات قد تواجهك وكيفية حلّها والتعامل معها ..
خلال اكثر من ثلاثة عقود لم احصل على إستراحة صحيّة واحدة ، كان العمل جلّ اهتمامي وسعيي الدائم لتطوير العمل والاستفادة من الامكانات المتاحة والمتوفّرة بما ينعكس ايجاباً على واقع العمل …
على عتبات الستين تشعر بأن شريط الذكريات لن يتوقف عند سن ّ التقاعد ، فمسيرة العطاء لا تتوقف ، يستمر العطاء والامل بتجاوز كل المشاكل والصعوبات ، هي استراحة خاطفة تبدأ بعدها رحلة جديدة فيها تغيّر في العادات، وتنوع في العمل …
الحياة لا تتوقف مع التقاعد ، ربما تتغير الاهتمامات والاتجاهات ، تبرز أولويات جديدة …مستقبل الأولاد ، دراستهم ، عملهم ، الأحفاد وعالمهم الخاص و…
على عتبات الستين، تسافر الأماني ، وقفة مع الذات ، سنوات مضت بسرعة ، كلّ الأحلام في ميزان الوقت ، احبة وزملاء ورفاق نودعهم على أمل أن نلقاهم في طرقات أخرى ، في أمكنة نزنرها بالحب والألفة ودفء الحياة .
*حبيب الإبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار