على ضفاف العاصي ..
في الثامن عشر من كانون الأول عام ١٩٧٣ تم إعلان اللغة العربية لغة رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وهذا شكّل قيمة مضافة للغتنا الام كونها الأكثر حيوية وتجدداً ومواكبة لأحدث تقنيات العصر ..
واللغة العربية بما تمثله من عناوين الهوية والانتماء والتجذر فإنّها استمرت في تطورها والحفاظ على كيانها وإشراقاتها البيانية والجمالية .
هذه الإشراقات يتخللها بين الفينة والاخرى بعض المنغّصات التي تسيء لها ولجوهرها من خلال تخلي ابنائها عن الاهتمام بها قراءة وكتابة وتحدثاً والتحوّل إلى اللغات الأجنبية والتركيز عليها في الحديث والكتابة والتواصل ، ولعل فورة الفضاء الازرق وانجراف الشباب إلى الدردشات العامية وهجرانهم للغتهم العربية بما تحويه من اصالة وجمال جعلهم اكثر بعداً وغربة عن ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم .
ومما زاد في تراجع مستوى الاهتمام باللغة العربية ما يعانيه الكثير من التلاميذ والطلبة في مختلف مراحل الدراسة من ضعف واضح في اللغة من حيث القراءة والكتابة والتحدث بالفصحى ، سواء في المدرسة او الجامعة او مكان العمل .؟ والبعض يرى ان اللغة العربية صعبة ومفرداتها جافة ومنهاجها كثيف وبالتالي يرى هذا البعض انها اسباب للضعف والتقصير والابتعاد إلى لغات اجنبية عديدة ..
إنّ الاهتمام باللغة العربيّة مسؤولية جماعية ويتطلب جهوداً مضاعفة ومستمرة ، وجعلها في سلّم الأولويات سواء من قبل التلاميذ والطلبة او من قبل الجهات المعنية بالشأن الثقافي والتربوي والإعلامي ، وجعلها اكثر حضوراً في التعليم والحديث والمجتمع والحياة .
كذلك يجب الاّ يقتصر الإهتمام باللغة العربيّة على يوم واحد ،يتضمن انشطة وفعاليات هنا وهناك ياخذ طابع احتفالي يتم فيه إلقاء القصائد والكلمات التي تحض على اهمية اللغة العربية وجعلها لغة التعليم والحياة .
في يومها العالمي تستمر امّ اللغات في بهائها وألقها وهي اكثر قدرة على زيادة مساحات الجمال في الحرف والكلمة والتي هي بداية التكوين .
اليوم وفي كلّ يوم نحن بحاجة إلى تضافر جهود الجميع لرفع مستوى الاهتمام باللغة العربية ، اللغة الأم عنوان الهوية والوجود ، وحث ّ التلاميذ والطلبة وتشجيعهم على إتقانها واستيعابها حديثاً وقراءة ً وكتابةً ، وجعلها ليست لغة تعلّم فقط بل لغة حياة ، لأنّها كما وصفها الشاعر حليم دموس :
(لو لم تكن أم ّ اللغات هي المنى
لكسرت أقلامي وعفت مدادي
لغةٌ إذا وقعت على أسماعنا
كانت لنا بردا ً على الأكباد ِ
ستظل رابطة ً تؤلّف بيننا
فهي الرجاءُ لناطق ٍ بالضاد ِ )
* حبيب الإبراهيم