المسكوت عنه في الرّزق

•على ضفاف العاصي

ثمة كتب ومجلدات وعشرات لا بل مئات المواد كُتبت في الرّزق وعنه واجتهد الفقهاء وعلماء الكلام والشعراء في تصنيف وتعداد أبواب الرّزق ومعانيه وعناوينه ..الخ
ولسنا في وارد تقديم ما جادت به العربية من معاني الرزق في معاجمها وقواميسها ولكن حسبنا أن نشير إلى أن (الرزّاق) صفة واسم من أسماء الله الحسنى جل جلاله وأيضا المطر من معاني الرزق
وربما لن آتي بجديد في ما سأكتبه هنا في هذا الحيّز المتاح ولكن في ضوء ما نراه ونعايش ونعيش من حالات استياء وقهر دفعتنا جاهدين لأن نبحث عن أجوبة لأسئلة الحياة المرّة والصعبة جدّا ..
لنجد أن البحث عن الأجوبة مرهق ومتعب ..يورثنا القلق وضيق النفس والخلق لسبب بسيط وهو أننا نبحث في المكان الخطأ ليصبح حالنا كمن أضاع خاتمه بمكان وراح يبحث عنه بمكان آخر لمجرّد ان هذا المكان الآخر مضاء ..
لَمِنَ القصور النفسي والفكري أن نعتقد أن الرزق يقتصر على المال وما يتركه أو يخلّفه من علامات وقسمات على مالكه وإن كان المال رزقاً فلا شكّ أنه أدنى درجاته على الرغم مما يمكن أن يرسمه حول مالكه من هالات قد تسقط وتسقطه ولو بعد حين ..
خير الرزق وأعظمه وأعلى درجاته هي الصحة ..العافية
وقد يجيء الرزق على غير صورة وشكل وربما لم نشعر بنورانيته وبنسائم لطفه
يجيء يدخل بيتنا ..ينام على وسادتنا ..يرتّل على مسامعنا قصائد وأناشيد وأغاني وموسيقا ونصوصا مقدسة ..يضحك يمسح على جبين أمهاتنا ..يمسّد أكفّ آبائنا ويربّت على أكتاف أطفالنا وهم ماضون نحو الشمس..
وخير الرزق وأبقاه ذرية صالح ..
وربما يصلك الرزق على هيئة زوجة رضيّة وفيّة مخلصة محبّة..
على هيئة ضيف يقرع باب بيتك فيضاء بابتسامته النقية..
الرزق يأتي على شكل محبة الناس لك ..
على شكل الخير الكثير ..حكمة ما ..علم خصك الله به فأفضت على عياله
..موهبة وهبك الله دون سواك ممن حولك ..
على شكل دار مفتوحة مشرعة الأبواب والنوافذ
على شكل سكينة ورضا وقناعة تعيشها متصالحا مع نفسك ومع من حولك
الرزق يأتي على شكل رضا والديك وتقديم ما استطعت لتترك على وجهيهما علامات حبور وسرور..
قد يسأل سائل : لماذا الصحة والعافية هي أعلى درجات الرزق ؟؟
أقول : لننظر ونتأمل حالنا ونحن بكامل سلامتنا الجسدية والعقلية والنفسية كم نكنز في ماهيتنا ..ماهية جسدنا ثروات لا يمكن لبنك في العالم عدّها ..
لنتفكّر في ما عليه قلبنا المعافى من قوة وعطاء ..ولو أصاب بعضه اعتلال ما كم علينا أن ندفع من مبالغ هائلة لمعالجته وإن نجحنا هل يعود كما كان عليه ؟؟
لننظر في ما تقوم به عيوننا من مهام .. بها نقرأ ..نرى ..نتمتع ..الخ  وإن أصابها اعتلال ما كم علينا أن ندفع من مبالغ هائلة لمعالجتها وإن نجحنا هل تعود كما كانت عليه ..هذا إذا ما ناقشنا الآلام والأوجاع و..و..
وقس على ذلك من أعضاء في جسدنا المعافى السليم ..ماذا لو أن كلّ عضو منه أصيب باعتلال ..كم سنتألم وكم علينا أن ندفع ؟؟
لذا نقول : ثمة رزق مسكوت عنه أو المضمر ..
نقول : نحن الأغنياء جداااا بما نملك
نحن المرزوقين بالرزق الواسع والكثير بالصحة والعافية وكل ما سواها درجات متدنية جدا

عباس حيروقة