الشاعر  محمود درويش عاشق من فلسطين القضية والمرأة والحب

كتب محمود درويش كلمات جميلة تحمل معاني رائعة معبرة …
حبنا أن يضغط الكف على الكف ونمشي …
وإذا جعنا تقاسمنا الرغيف
في ليالي البرد أحميك برمشي …
وبأشعار على الشمس تطوف
ـ ذاك هو الشاعر الذي ولج صوته إلى قلوب ، وأحلام ، و دموع الجماهير العربية … محمود درويش … شاعر تنبع موهبته من محبة وعشق الجمال ، والطبيعة ، والإنسان جاء شعره غني بالعاطفة الإنسانية في كثير من قصائده إنه عاشق من الدرجة الأولى إذا صح التعبير ، قد عبر تعبيراً جديداً متنوعاً ومبتكراً في صوره وخيالاته المختلفة كما أن العاطفة في شعر محمود درويش ليست عاطفة مجردة لأنها ترتبط كل الارتباط بالقضية وهذا مانتفرد به مع الشاعر في ديوانه /عاشق من فلسطين / .
قال محمود درويش لحبيبته في قصيدة عنوانها :
ـ قصائد عن حب قديم …
تشهيت الطفولة فيك
قد طارت عصافير الربيع
تجرد الشجر
وصوتك كان يا ما كان
وأحياناً ينقطه لي المطر
نقياً هكذا كالنار
ونعبر في الطريق
مكبلين
كأننا أسرى
يدي ، لم أدر
أو يدك احتست وجعها
من الأخرى …
ـ عبر محمود درويش عن عاطفته بصور فنية جديدة وغنية بصدقها لأن صوت الحبيبة يسيطر على كيانه كله … فالشاعر هو وحبيبته يعيشان في ظروف قاسية لذلك جاءت الصورة جديدة وغريبة وصادقة لعاشقين يعيشان في ظروف القهر والاستعمار مثل ظروف العرب داخل الأرض المحتلة ( كما ورد ).
كأننا أسرى
يدي ، لم أدر ، أو يدك احتست وجعا
من الأخرى …
ـ وعندما نتعمق في شعر محمود درويش العاطفي نجد أنه يرسم أشكالاًً بألوان كثيرة لمأساته فهو لا يجرد العاطفة أبداً ولا يعزلها عن القضية بل يربطهما بوثاق متين واحد .. فالأرض هي الحبيبة … والحبيبة الأرض
وهنا نتابع معاً حواراً جميلاً بين الشاعر وحبيبته … قال لها يحاورها:
عندما كنت صغيراً وجميلاً
كنت أرى الوردة داري
والينابيع بحاري
( صارت الوردة جرحاً
والينابيع دماء )
ـ هل تغيرت كثيراً ..؟
ـ ما تغيرت كثيراً
عندما نرجع ، كالريح ، إلى منزلنا
حدقي في جبهتي تجدي الورد نخيلاً
والينابيع عرق
تجدي مثلما كنت
صغيراً وجميلاً …
ـ حاور الشاعر حبيبته في هذه الأبيات الجميلة لأنها كانت تبحث له عن صورة مشرقة جميلة فلن نجدها إلا بعودته لمنزله رمزاً لعودة كل فلسطيني عربي إلى أرضه المغتصبة فالحب الناجح بعودة الأرض وانتصار الإنسان العربي …
كتب الشاعر محمود درويش قصيدته المشهورة والتي هي عنوان لديوانه /عاشق من فلسطين/
وقد ناشد حبيبته ووصفها بأجمل وصف وسماها فلسطين البلد العربي المحتل قال لها:
فلسطينية العينين والوشم
فلسطينية الأحلام والهم
فلسطينية الكلمات و الصمت
فلسطينية الصوت
فلسطينية الميلاد والموت …
أكد الشاعر كلمة فلسطينية لأنه وجد فيها معاني الحب والعاطفة الإنسانية ذلك لأن حبه لفتاته امتزج امتزاجاً كاملاً بحبه لوطنه و إيمانه به وكل ما أحس به من جمال متركزاً بأنها فلسطينية … ففي هذه الصفة يجتمع كل السحر الحقيقي الأصل…
ـ وفي قصيدته / قصائد عن حب قديم / نجد نموذجاً آخر لهذا الحب الممتزج بالطبيعة امتزاجاً عميقاً ، حيث يلتمس في الطبيعة دفئاً ويبحث عن رداء يحميه من العري والضياع … إنه نموذج شعري رائع ، منسوج بدقة وعمق وأناقة …
ترحل مرةً كوكب …
وسار على أناملها ولم يتعب
وحين رشفت ، عن شفتيك ، ماء التوت
أقبل عندها يشرب
وشاركنا وسادتنا، وقهوتنا
وحين ذهبت لم يذهب ..!
ـ ان النجم يشارك العاشقين حياتهم ، ويبقى بعد لحظات الهوى دون أن يرحل  فهو ذكرى لحب الحزين المغترب … كان النجم هنا ( مندوب ) الطبيعة يؤكد هذه العاطفة ويؤيدها ويحميها من متاعب الأيام …
ـ تحدثنا بإيجاز عن شعر محمود درويش العاطفي … الشاعر العربي الفلسطيني وعن حبيبته التي كانت قلب قصائده العاطفية ، فهو شاعر من أهم شعراء العرب في القرن العشرين وربما العالميين أيضاً … شاعر غزير الكتابة ، متماسك الأسلوب ، صوفي العاطفة وخاصة عاطفته الوطنية … قصائده تفوح برائحة قهوة أمه . وبيارات يافا ، والعصافير والسحاب ، والمدى ، وأغصان الزيتون ، وأسماء المدن وموج البحر ، والفضاءات بضيقها واتساعها ، والآن ماذا بعد … وقد صارت فلسطين وطناً لايشبه الحلم أبداً
ملامح من شخصية الشاعر محمود درويش ..
ـ ولد الشاعر محمود درويش في ( 13 مارس عام 1942 ) في قرية (البردة) بفلسطين وقد هاجر مع أهله وترك قريته بسبب الاحتلال عام ( 1948 ) … الشاعر محمود درويش ابن قرية البروة الفلسطينية شاعر حساس متفتح القلب والعقل وإلى جانب ذلك شاعر محب لوطنه حباً صوفياً عميقاً ، والمحب العاشق هو أول القادرين على الإحساس بجمال الحب …
ـ صدر للشاعر مؤلفات كثيرة ورفوف مكتباتنا في أنحاء الوطن العربي تزخر وتحتضن مؤلفاته بكل فخر أختار منها :
أوراق الزيتون ـ عاشق فلسطين ـ آخر الليل ـ حبيبتي تنهض من نومها ـ وأخيراً سرير الغريبة ـ وهو أحدث ديوان للشاعر محمود درويش وقد صدر عام ( 1999 ) الشاعر

محمود درويش يملك قلماً سيالاً معينة لا ينضب ولم يستطع أي شاعر فلسطيني آخر أن يصل قامته …
رامية الملوحي

المزيد...
آخر الأخبار