بقلم الأستاذ طلال قنطار مشرف جريدة الفداء
في زمن تسعى فيه سوريا لكي يتساوى فيها المواطنون أمام القانون، تصبح أخلاقيات مهنة الإعلام ضرورة وطنية لا ترفًا فكريًا. لقد دفع السوريون ثمنًا باهظًا في سبيل الحرية، وهو ما يحمّل الجميع، لا سيما الإعلاميين، مسؤولية مضاعفة في صون هذه القيمة الكبرى من التشويه أو الابتذال.
الإعلام ليس مجرد وسيلة نقل للخبر أو الرأي، بل هو أداة تشكيل للوعي العام، وبالتالي فإن أي انزلاق نحو التحريض أو الكراهية، أو الانخراط في استقطابات ضيقة، يُعد خيانة للدور الحقيقي للإعلام: بناء الوعي، لا تدميره.
نحن بحاجة إلى مدونة سلوك إعلامي تقوم على المهنية والحياد والاحترام، وتفصل بوضوح بين حرية التعبير وبين الفوضى. مدونة تنبثق من الداخل، من ضمير الصحفي نفسه، وتُصاغ بمشاركة النقابات والمؤسسات الإعلامية والقوى الاجتماعية، لتكون مرآة لأخلاقيات المهنة، لا عصًا بيد السلطة أو أداة لإسكات المختلفين.
الحرية لا تُحمى إلا بالمسؤولية. وإن كان من الواجب صون حق الناس في التعبير، فإن من الواجب أيضًا أن نُحصِّن هذا الحق ضد التوظيف السلبي، لأن بناء الدولة الحديثة يبدأ من الكلمة، والكلمة حين تكون نزيهة ومسؤولة، تصنع وطنًا لا يخاف من الاختلاف، بل يحتضنه.
إننا اليوم أمام لحظة فارقة، لحظة نعيد فيها رسم علاقة الإعلام بالمجتمع والدولة. ولن نبلغ المرتجى ما لم نرتقِ بأخلاقيات المهنة إلى مستوى تضحيات السوريين.