تتفشى ظاهرة التسول بمدينة حماة بشكل لم يعد يطاق ، وهي ليست وليدة الأزمة ، ولا من منعكساتها السلبية وأمراضها المجتمعية ، وليست نتيجة الظروف المعيشية القاسية ، وإنما استغلال لها ! .
بمعنى آخر ، المتسولات اللواتي يستجدين المارة بشوارع المرابط و8 آذار والعلمين والدباغة ، وفي سوق الطويل وابن رشد ، وفي ساحة العاصي والحاضر الصغير وطريق حلب والكراجات ، وأمام مديرية التربية ، لسن من الفقراء الذين عصفت بهم سنوات الحرب ، وهجَّرتهم من بيوتهم وقراهم إلى حماة الآمنة ، فهؤلاء تكفلت بهم الدولة ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري ، والجمعيات الخيرية الأهلية ، وبعض المنظمات الدولية ، ومنهم من يقيم بمراكز الإيواء ، ومنهم من استأجر بيوتاً وتأقلم مع ظروفه الصعبة ، ويمارس حياته بشكل طبيعي كسائر خلق الله من أبناء جلدته ، الذين يشتركون جميعاً بالمعاناة من الغلاء الفاحش وقلة الموارد وضعف الإمكانات ، وهم لا يتسولون ولايمدون أيديهم للمارة ، فعزة نفسهم ــ رغم الفقر ــ تأبى عليهم ذلك .
وأما المتسولات اللواتي نراهن بحماة ، فهنَّ يزاولن هذه المهنة منذ سنوات طويلة ، ويتوارثنها جيلاً عن جيل ، وينزلن من الأرياف القريبة من حماة للميدان بالصباح المبكر ، ويغادرنه مع مغيب الشمس ، ليتقاسمن الغلة مع مشغليهنَّ .
وللعلم معظمهن لا يحملن بطاقات شخصية ، كي لا تُكشف هُوِّيَتُهن إذا ما وقعن بقبضة الشرطة ، وإذا قبضت عليهن الضابطة العدلية بالشؤون الاجتماعية وعرضت عليهن فرص عمل أو الإفادة من الجمعيات الخيرية ، يرفضن ذلك بشدة ، لأن مدخولهن من التسول أفضل بكثير من مدخول أي عمل آخر !.
وبالتأكيد الظروف الصعبة الراهنة ، ليست مبرراً للتسول وتفشيه بهذا الشكل العجيب ، وإلا لكان جميع المواطنين ــ وأولهم الموظفون ــ يمارسون هذه المهنة المُدرّة للدخل من دون أي مشاق.
وقد كثرت شكاوى الناس من هذه الظاهرة ، ومن المتسولات اللواتي يكثرن من الإلحاح والإصرار على المواطنين باستجدائهن المال والحصول عليه بشتى السبل !!.
الأمر الذي يستدعي حملةً لمعالجة هذه الظاهرة المتفشية ، التي لم تعد بالحد المعقول أو المقبول ، بل وبتعبير أدق لمكافحة هذه المهنة ، وتطبيق القانون على مزاوليها .
إذ تنص المادة 604 من قانون العقوبات السوري على معاقبة كل من يُحمِلُ قاصراً على التسول بالغرامة المالية، بالإضافة إلى الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.
كما يعاقب المتسول ، سواء كان أباً أو أُمّاً أو أي شخص آخر ، الذي يصطحب طفلاً ، سواء كان ولده أو غير ولده ، وهو دون السابعة من عمره ، بتشديد عقابه ليصل إلى الحبس لمدة سنتين، بحسب المادتين 569 و 599 من قانون العقوبات ذاته .
محمد أحمد خبازي