صدقونا رجاءً !

 

“الإسكافي حافي ، والحائك عريان ، والنجار بلا باب دار ” كلها أمثلة شعبية ، تنطبق أيَّما انطباق على حال جميع الزملاء الإعلاميين أعضاء اتحاد الصحفيين السوريين ، سواء كانوا من العاملين بالمحافظة أو بغيرها من المحافظات أو بالعاصمة .

فالواقع واحد ، والوجع ذاته ، والمعاناة هي نفسها ، ولم تُعالج منذ عقود طويلة ، ولم تتغير حال الصحفي نحو الأفضل ، ولم تتحسن ظروفه المعيشية وأحواله المادية ، رغم تغني الحكومة به وبإنجازاته ، وبأهمية دوره في تشكيل الرأي العام ، وتكوين الوعي الجمعي ، حتى ليشعر المواطن العادي أن الصحفي هو ابن الحكومة المدلل ، وكل ما يطلبه منها تستجيب له ، وأن كلمته مسموعة عندها وما ” بتصير اثنتين “!!.

وبالطبع ، من لا يعرف الواقع يحسدنا ، ومن يعرفه يبكي معنا على حالنا وأحوالنا ، ويعذرنا إذا ما رآنا نعمل أي عمل عضلي لنسد به الرمق ليس إلاَّ !.

فنحن مضربون بحجر كبير شعبيًا ، ولكن الحكومة تعاملنا كأولاد الجارية لا الست ، أو بتعبير أكثر تهذيبًا ، كأولاد الخالة زوج الأب لا الأم !.
ويصح فينا وفيها قول الفارس عنترة بن شداد :

” يُنادونَني في السِلمِ يا ابنَ زَبيبَةٍ
وَعِندَ صِدامِ الخَيلِ يا ابنَ الأَطايِبِ “!.
فنحن ــ رغم عملنا الشاق المصنَّف عالميًا ، بأنه أخطر من العمل بالمناجم ــ محرومون من أدنى الحقوق التي ينالها العاملون بالدولة بلاحسادة ، ونحن الذين نعمل على مدار الساعة ، وبحالة استنفار دائم ومستمر 24 ساعة باليوم ، وبكل الظروف ، وبأيام العطل والأعياد الرسمية.
وترانا بالمقدمة في كل حدث ، مع جيشنا الباسل بالخنادق الأمامية ، وبالأحداث الأمنية وبالحرائق ومع رجال الإطفاء ، وبالعواصف ، وبالمشافي ، وفي الحقول ، وفي المصانع ، ومع الناس في مشكلاتهم وآلامهم .

ورغم التوجيهات العليا ، بأن من واجب الإعلام السوري الذي حقق نقلة نوعية ، الاستمرار بملاحقة مكامن الخلل ، ومن واجب المسؤولين الاستجابة بمقابلة أو ببيان أو بنقل معلومة عبر المكاتب الإعلامية، والتفاعل مع الإعلام ، ومن الضروري توسعة دائرة الحوار في الإعلام السوري سواء المواطنين أو المختصين أو المسؤولين ، لأن هذا يرفع مستوى الحوار والمعرفة ، ويرفع قدرتنا لإيجاد حلول للمشاكل برؤية أوسع.
فإننا كثيرًا مانتعرض لعتب من المسؤولين ، ولمضايقاتهم أيضًا ، ولشكاوى كيدية ، ولاتهامات بوهن عزيمة الأمة والمس بهيبة مؤسسات الدولة ، إذا ماتحدثنا عن فساد هنا وآخر هناك ، وإذا ما أشرنا بعين الناقد المُحب لا الحاقد ، إلى خطأ في دائرة ما ، أو سلبية في مؤسسة ما لتتجاوزها إدارتها إلى الإيجابية.

ورغم كل التوجيهات بتوفير الحد المعقول والمقبول لتحسين ظروفنا ، لم تتحسن على الإطلاق .

لذلك عندما نقول : إننا نعاني الأمرين فصدقونا ، وإننا كالإسكافي الحافي والحائك العريان ، والنجار الذي بلا باب دار فصدقونا رجاءً !..

محمد أحمد خبازي

المزيد...
آخر الأخبار