تركـت نظريتي جانبا قـلت : لاحقا أكمل الحديث عنها في رواية أو قصة أو قصيدة من نتاج قلمي دون استعارة أو تناص أو اقتباس . بطبعي لا أحب أن يشاركني احد نصي كي لا يفقد هويته وملامحه وخال خـده ونمرة حذائه وقياس كتفيه وخصره وطوله وعرضه ورائحته التي تشبهني أنا فقط وتشي بي في كل نص أرميه للريح .
قررت أن أفتح باباً جديدا للحديث بعيداً عن سؤال جارتي / شو رح تطبخي اليوم / كون الطبخ والنفخ آخر اهتماماتي لأن معدتي اعتادت على الماء لا غـير .
أغـلـقـت صفحة الـتسوق التي فتحتها مؤخراً للبيع عـبـر الـنت وفتحتُ صفحة أنـشـر من خلالها اقتباسات من أقوالُ افلاطون وسقراط أبحرتُ في أعماق حـبرهم صمتُّ ليالٍ طويلة ورسمت على السنابل نهارات بعيدة ثم لم أكتف.
ففتحت باباً جديداً لا هـو باب الجابية ولا باب شرقي ولا باب الحارة بل باب الجغرافيا .
طرت فوق الأنهار العاصي ودجلة والنيل والدانوب والمسيسبي والخابور وبردى عِـلقْـتُ مرات عديدة مرة بنخلة مرة بياسمينة مرة بالصبار وآخر مرة أذكر أني علقت بشتلات النرجس التي اشتهرت بها جبالنا .
اخترت الأنهار دون سواها لأنها الأكثر سفراً دون خيانة لمجراها
لا تخون الأشجار لا السهول ولا الجسور ولا أيامنا البعيدة التي تصدح على ضفافها .
حدث أن رأيت تمساحا عدوانيا في أحد الأنهار وأنا اطير فوقه لم أدنُ منه أو أعـيره أدنى انتباه حاص ولاص ورفع ذيله فرماه النهر بضربة انحدار فتمسح عينيه وغاص يفتش عمن ينافسه في عدوانيته .
شطبت كل ما كتبت وبدأت حديثي عن الجغرافيا .
قلت أتحدث عن الجغرافيا البشرية الاقتصادية ضربت وقسمت جمعت وطرحت لم أصل إلى نتيجة مقنعة أقدمها للقارئ عن العلاقة بين حبة القمح وحبة المطر وحبة التراب .
انتقلت إلى الجغرافيا الفلكية أحضرت خارطة لكوكب الأرض علقتها على الشجرة وكرة أرضية وضعتها فوق صخرة درت يمينا يسارا شمالا جنوبا نظرة نحو الشمس نظرة نحو الأرض أنـزلـت الخريطة عن الشجرة والكرة الأرضية عن الصخرة رميتهما في النهر نفضت يدي مما عـلق بهما .
قررت أن أعود إلى نظريتي المركونة في أحـد كتبي التي لم تكتب بعد. ثم طرت فوق النهر .
نصره ابراهيم