تتزامن الذكرى الـ 58 لثورة الثامن من آذار المجيدة مع انتصارات الجيش العربي السوري على الإرهاب وبصمود تاريخي للشعب السوري الذي شغل حديث العالم أجمع بإرادته وإصراره على الحياة والإنتاج رغم تعرضه لأكبر وأشرس حرب إرهابية .
وقد شكلت ثورة الثامن من آذار عام 1963 بداية مسار التطوير وتكوين القاعدة المتينة لوحدة الجماهير في وجه المخططات الاستعمارية والصهيونية بأنها جسدت أهدافها على أرض الواقع بعد الحركة التصحيحية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 والتي صححت مسار الثورة لتكون بيد الشعب ووفق متطلباته وطموحاته على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بهدف تحقيق النهضة الشاملة التي يطمح إليها أبناء الوطن.
وحققت الإنجازات الهامة التي شملت كل مدينة وقرية ومنزل ، فقد مثلت هذه الثورة قوة وإرادة وأصوات الفلاحين والعمال والمثقفين ضد قوى الاستبداد والبرجوازية التي نهبت خيرات الوطن وفق مصالحها الشخصية وأسهمت بتحقيق نهضة تنموية على الصعيد المادي والعسكري والاقتصادي والسياسي والعملي وعززت مفهوم الاعتماد على القدرات الذاتية لإدارة شؤون البلاد والحفاظ على ثرواتها ما منح سورية على مر السنوات التي تلت ثورة آذار الاستقلال في قراراتها السياسية والسيادية والوطنية.
وأدى اعتماد سورية على مقدراتها الذاتية واستقلال قرارها إلى صمودها أمام كل أشكال الضغط الخارجي وعدم خضوعها لممارسات الدول الاستعمارية للسيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب وهو ما ظهر بقدرة سورية شعبا وجيشا على مواجهة الإرهاب الذي تتعرض له منذ تسع سنوات من خلال انتصارات الجيش العربي السوري الذي ساهمت ثورة آذار بعد الحركة التصحيحية ببناء قاعدته العقائدية الصلبة وبالتدريب والتسليح ورفع الروح المعنوية والقدرة القتالية العالية لقواتنا المسلحة وغرس قيم الإيمان بالوطن والنضال والتضحية والتمسك بعدالة قضيتنا في صراعنا مع العدو الاسرائيلي وأدواته في المنطقة.
ليس هذا فحسب فقد شكلت ثورة آذار مرتكزاً لحركات التحرر العربية فمنذ ذلك الوقت أكدت سورية دورها القومي ودفاعها عن قضايا الأمة على الساحة العربية والدولية واليوم يتعزز هذا الدور عبر التمسك بالثوابت الوطنية وسياسة التطوير والتحديث والصمود التي يقودها السيد الرئيس بشار الأسد.
وعلى الصعيد العلمي والثقافي اسهمت ثورة آذار المجيدة ببناء أجيال متشبعة بروح الانتماء للوطن وطامحة للتخلص من الجهل والتخلف الذي فرضته سنوات الاستعمار وذلك من خلال بناء المدارس والجامعات والمعاهد والمراكز العلمية والبحثية وتطوير المناهج والكوادر التعليمية لتنافس سورية فيما بعد بكفاءات شبابها وخريجيها في معظم المسابقات العلمية والثقافية على مستوى العالم.
كما انتشرت المراكز الثقافية في جميع المحافظات والبلدات ونشأت حركة فكرية برعاية الدولة من خلال الاهتمام بالأدباء والكتاب والفنانين والشعراء.
أما اقتصاديا فقد خلقت ثورة آذار المجيدة مناخا وبيئة اقتصادية جديدة تعود فائدتها على أبناء الوطن بمختلف شرائحهم فأعادت الأرض لمن يعمل بها وأممت المعامل وتنامت الاستثمارات في قطاع السياحة والزراعة والصناعة وبدأت معدلات النمو الاقتصادي بالارتفاع الذي استمر منذ عهد التصحيح وحتى مطلع عام 2011 واتخذت خلال تلك السنوات العديد من القرارات والتشريعات والإعفاءات الضريبية المشجعة للاستثمارات السياحية والصناعية
ورغم الحصار الاقتصادي الخارجي الظالم على بلدنا وما تسبب فيه من التضييق على معيشة المواطن وتلبية احتياجاته الأساسية فإن سورية سوف تجتاز كل الصعوبات كما اجتازتها سابقا وانتصرت على الإرهاب وداعميه لتكون نموذجا في البطولة والصمود والعطاء..
* عبد اللطيف يونس