أقرّت الحكومة مؤخرًا أسعارًا تشجيعية ، لمحصولي القمح والشوندر السكري ، بهدف تشجيع الفلاحين على زراعتهما ، وفق الخطط التي وضعتها وزارة الزراعة ، للموسم القادم ، بحيث صار طن القمح بـ 900 ألف ليرة بدلًا من 550 ألف ليرة ، والشوندر بـ 175 ألف ليرة ، وبما يوافق تكاليف الإنتاج الفعلية والقيمة الحقيقية لمستلزمات الإنتاج في السوق .
وبالطبع هذه الأسعار التشجيعية، تعكس اهتمام الحكومة لأمر الزراعة التي هي أساس الاقتصاد الوطني ، والتي تراجعت خلال السنوات السابقة لعاملين رئيسين، أولهما الحرب الظالمة التي شنت على بلدنا، ومنعكساتها وتداعياتها السلبية الكثيرة ، على العملية الزراعية والإنتاجية، وثانيها إهمال الحكومات السابقة المقيت لهموم الفلاحين ، واكتفاؤها بالتغني بهم وبصمودهم بأراضيهم ، من دون دعمهم بمستلزمات الزراعة سوى بالخطابات الطنانة الرنانة ، وبالوعود المعسولة التي بقيت وعودًا لسنوات طويلة.
وقد واكبناها في الغاب ، حتى اعتقدنا آنذاك من جميل الوعود التي سمعنا ، أنه سيصبح سويسرا !..
ولكن لم ينفذ من تلك الوعود شيءٌ ، سوى بالأيام الأخيرة ، وبعد أن استعادت وزارة الزراعة دورها الحقيقي الضامن للمزارع وللأرض ، والتي تعتمد الأسس العلمية ، وتستند إلى الواقع الراهن ، بعملها الميداني.
وهو ما جعلها تعيد للزراعة السورية حيويتها ، بتوفير مستلزماتها للمنتجين قدر المستطاع ، وبتحديدها تلك الأسعار التشجيعية المبدئية حاليًّا، والتي قد تُعدَّلُ لصالح الفلاحين، إذا تغيرت الأسعار الفعلية لتكاليف الإنتاج من وقتنا الراهن إلى موسم الجني والحصاد والتسويق.
ونرى أن الحكومة باهتمامها للزراعة والفلاح ، تتجه الاتجاه الصحيح للاعتماد على الذات ، والتخلص من منعكسات الحصار الجائر والعقوبات الاقتصادية المفروضة ظلمًا وعدوانًا على بلدنا.
قلنا سابقًا ونقول اليوم : لتحقيق تنمية وطنية شاملة ، علينا بالزراعة ثم الزراعة ثم الزراعة ، وبدعم الفلاح دعمًا حقيقيًّا وفاعلًا ، بكل مستلزمات العمل والإنتاج مهما تكن ظروفنا صعبة ، وحمايته من مافيات السوق السوداء ، التي تفعل كل مابوسعها لتجعله يرفض تسليم محاصيله للدولة ، بأسعار مغرية للقمح والشوندر والقطن وكل المحاصيل المهمة.
من واجب الحكومة قطع الطريق على تلك المافيات ، ونظنها قادرة، ولكن شريطة أن تجزل العطاء للفلاحين ، وأن تشتري منهم إنتاجهم بأسعار تكفل لهم وأسرهم العيش الكريم.
فليس بالشعارات يُدعم الفلاحُ وإنما بالليرات ، والمقصود بالليرات هنا كرمز للعملة الوطنية وقد تكون آلافًا.
محمد أحمد خبازي