كنا قد تحدثنا في مادتنا السابقة عن برامج أطفال تلك الأيام نهاية سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى ثمانينياته تلك البرامج التي تعزز ثقافة المحبة والجمال والتعاون والخير والسلام ..ثقافة البناء ورقيّ التعامل والنهوض بالقيم الإنسانية والاهتمام بإنسانية الإنسان دون النظر على لونه وعقيدته ..
نعم ما يمكن ان نقوله عن برامج الأطفال في زماننا الكثير الكثير ولكن ما لذي يمكن أن نقوله حين نرى ما نراه من برامج أطفال تعرض على شاشاتنا العربية في أيامنا هذه ؟؟!!
حين نتابع اليوم ما يعرض تنابنا حالات قهر وحزن واستغراب بين ما كنا وما آلت إليه الحال برامج اليوم صراخ وضجيج وصور سريعة مرعبة تترك الطفل في حالات استنفار وتأهب برامج تعزز ثقافة الحرب والقتل والإبادة ..برامج فيها الكثير من سفك الدماء و…الخ وكأن لا رقابة على ما يعرض أو لا اهتمام ولا اكتراث ولا قراءات حقيقية وواقعية لما سيؤول إليه حال طفلنا بعد سنوات وسنوات
هذا إذا ناقشنا أن أطفالنا يتابعون برامج الأطفال عبر شاشة التلفاز لا عبر ( الموبايل ) أو التاب والباد ..الخ
ثمة أخطار كبيرة ومهيبة تحيق بطفلنا لا على مستوى التشوه البصري والفكري والاجتماعي والنفسي فحسب …بل على مستوى الصحي الجسدي ..إذ كيف لطفل لم يبلغ سنواته الأربع بعد يتقن فتح الموبايل ويتابع برامج تضج بالصراخ وبالصراع وبالدماء ..إضافة للضرر الذي سيلحق به نتيجة تركيزه لساعات في شاشة تعكس أشعة خطيرة عبر مساحة لا تتجاوز بضع سنتمترات لا أكثر..
نعم ثمة أخطار كبيرة وكثيرة والأهل منشغلون بأشياء وأشياء بغض النظر عن ماهيتها ودرجة أهميتها إلا أن هدفهم هو إشغال الطفل وإسكاته وإبعاده عنهم لإتمام أعمالهم تلك ..
أدعو من هذا المنبر إلى التأسيس لمنظومة عمل طفلية جديدة تعمل وفق مشروع مؤسساتي وبالتعاون مع جمعيات مدنية أهلية للوقوف على حال طفلنا العربي عامة والسوري بشكل خاص ..الطفل الذي شوهت الحرب الكثير الكثير من مفرداته إن لم نقل محتها بالكامل ..
علينا أن نعيد النظر بمعظم ما يعرض اليوم وما يطرح أمام طفلنا من نتاج يعنى به ..بواقعه ..بمستقبله واضعين برامج ذاك الزمن الجميل نصب أعيننا
برامج كما قلنا آنفا زرعت ونمّت بذور المحبة والقيم والمشاعر الإنسانية في داخلنا وأطلعتنا على حضارات وقصص شعوب وأمم كان لها الأثر الكبير في بناء هذا العالم
برامج من مقام : سندباد والعم علاء الدين – افتح يا سمسم – ساندي بل – هايدي – النسر الذهبي – عدنان ولينا – السنافر– ماجد اللعبة الخشبية – ساسوكي – نقار الخشب – جزيرة الكنز – سنان- مغامرات الفضاء – من قصص الشعوب- نيلز..الخ
ثمة مسؤوليات جمة تقع على عاتقنا جميعا أدباء وكتاب وأفراد ومؤسسات علينا أن نكون بحجم ما قد يعترضنا من أخطار.
عباس حيروقة