هو الجلاء، يوم الوغى، يوم ٌتجلّى فيه السّمو قمماً، والشموخ عنواناً، هو الجلاء يوم عُمّد بالطّهر، بدماء الشهداء، صنّاع الفجر والكرامة، صنّاع الحياة ،بالبطولة والتضحية، بالصبر والإيمان المطلق بالنصر، رسم المجاهدون صورة الوطن وهو يقاوم المحتل ويهزمه ،يكتبُ سفر الخلود بابهى صورة وأنقي حرف …
لم يكن يوم الجلاء يوماً عادياً في حياة سورية وشعبها، بل كان يوماً اشرقت شمسه معلنةً فجر الإستقلال والحرية، ودحر الغزاة المارقين .
في السابع عشر من نيسان عام /1946/كانت سورية مع موعد مع النصر ،حيث أُحتفل برحل آخر جندي فرنسي عن ثراها الطاهر ،لتبدا بعزيمة ابنائها ملحمة التاسيس والبناء بسواعد قوية، وعقول متقدة، وهي متيقنة ان مسيرة الجلاء مستمرة حتى الآن.
السوريون بثباتهم وصمودهم، ببطولاتهم وتضحياتهم، قدموا للعالم دروساً في الوطنية والمقاومة ومقارعة الغزاة، كافحوا وصبروا، ناضلوا بما هو متاح من إمكانات، إيمانهم بالحق لم يتزحزح فكانت ملحمة الجلاء، ملحمة العزة والكرامة، ملحمة البطولة والشرف.
لقد تكبّد المستعمر الفرنسي خسائر فادحة بالمعدات والجنود ،وراح يتقهقر امام بطولات الثوار الذين شكّلوا جبهة قويّة موحدة ، اذاقت المحتل مرارة الهزيمة ودفعته بعد ربع قرن من الإحتلال ان يجرَ ذيول الهزيمة والإنكسار.
لقد قدم السوريون منذ معركة ميسلون 1920مثالاً ناصعاً للمقاومة والنضال والكفاح والتضحية والفداء باستشهاد وزير الحربية البطل يوسف العظمة وعدد من رفاقه في معركة غير متكافئة من حيث العدد والعتاد، لكن الإرادة والإيمان المطلق بمقاومة المحتل دفعتهم لخوض المعركة والقتال ببسالة وشرف .
لقد اشعل الثوار لهيب غضبهم وصبوه حمماً على رؤوس الفرنسيين فكانت ثورة المجاهد الشيخ صالح العلي في جبال الساحل ، وثورة إبراهيم هنانو في جبل الزاوية ،وسلطان باشا الاطرش في جبل العرب، وثورات الغوطة والجولان ومنطقة الفرات وحماةو…..
واليوم وفي الذكرى الخامسة والسبعين للجلاء تستمر سورية قيادة وشعباً في ترجمة قيم ومُثل ودروس الجلاء في مقاومة مشاريع الهيمنة، مشاريع الاستعمار الجديد ، الذي يسعى لنشر الفوضى وتدمير الدول ومقدراتها الوطنية ،باذرع رخيصة تمثلت بالإرهاب والفكر الوهابي الظلامي التكفيري عبر مجموعات مسلحة تعمل بأجندات خارجية، انتهجت سياسة القتل والتخريب والتدمير والذي طال البشر والشجر والحجر.
لكن إرادة الشعب السوري وقيادته كانت هي الأقوى في مواجهة هذه الحرب الكونية القذرة ببطولات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة وقوى الامن الداخلي، وصمود الشعب وحكمة القيادة فكان الثبات والانتصار .
في ذكرى الجلاء المجد والخلود لشهداء ملاحم الجلاء، صناعه البررة ،وكل شهداء سورية الأبرار الذين عبّدوا طريق الحرية والاستقلال بالمقاومة والصمود والإنتصار.
يوم الجلاء ،يوم العزّة والكرامة، «يوم الجلاء هو الدنيا وزهوتها » ،يوم عربي الوجه، سوري القسمات ، وملحمة وطنيّة خالدة في تاريخ الشعب العربي السوري.
حبيب الابراهيم