مَنْ يسمعُ خطاباتِ المسؤولين بالمناسبات التي يُحتفى فيها بالعمل والعمال ، يعتقدُ أن عمالنا يعيشون بخير عميم ، وأن لاينقصهم سوى الخطابات الحماسية والأغاني التي تمجِّدُ عطاءاتهم وجهودهم وتفانيهم بالعمل ، وإخلاصهم للوطن !.
بينما هم وبعيدًا عن المهرجانات ، وفي مواقع عملهم الإنتاجية وغير الإنتاجية ، يعانون الأمرين من الأعمال المُجهدة التي لاتتناسب إطلاقًا ورواتبهم الشهرية وحوافزهم ومكافآتهم ـ إن وجدت ـ ومن الأمراض المزمنة التي لاتغطي الطبابة منها سوى من الجمل أذنه ، ومن الفقر المدقع ، الذي يعلُّ أرواحهم قبل جيوبهم !.
فمنذ سنوات طويلة ، ومن قبل الحرب الجهنمية التي شُنَّت على بلدنا ـــ حتى لايدعي مدَّعٍ أنها السبب ! ـــ ونحن نسمع الأسطوانة المشروخة ذاتها ، التي تردِّدُ الجمل الموسيقية الطنانة الرنانة نفسها ، من قبيل ” إصلاح القطاع العام الصناعي ، ومكافحة الفساد ، وتحسين الظروف المعيشية للعاملين بالدولة عمومًا وللمنتجين بذلك القطاع خصوصًا ، ودعم وتشجيع الإنتاج الوطني في الصناعة والزراعة ، وتوسيع دائرة الضمان الصحي ، وتشميل كل العاملين بمظلته ، وتحسين قيمة الطبابة والخوافز وزيادة اعتمادات الوجبة الغذائية وكرت اللباس لتكون مناسبة وليست مضحكة ومخجلة ، وتثبيت العمال المؤقتين ، وتعويض الفاقد نتيجة الاستقالات أو كبر السن أوالتقاعد أوالمرضى ، أو لكل هذه الأسباب مجتمعة ” .
ومنذ تلك السنوات الطويلة ، لم يحصل العمال على شيء يستحق الذكر ، ولم يتغير في وضعهم المعيشي والصحي ما يحسِّنه ، بل حتى لغة الخطابات ونبرتها الحماسية لم تتغير !.
وباعتقادنا ، العامل ليس بحاجة لعبارات التهنئة والتبريك ، بل لتحسين شروط السلامة العامة وبيئة العمل التي يعمل فيها ، ولضمان صحي يعتني بصحته، وقبل كل شيء لمدخول شهري يكفيه وأسرته شرَّ الفاقة.
محمد أحمد خبازي