عجِّلوا به  !

           

   كان من الممكن لحكومتنا ، أن تتفادى  سهام النقد التي تلقتها مؤخرًا من المواطنين العاديين ومختلف الشرائح المجتمعية والفعاليات العلمية والاقتصادية والإعلامية  ،  لو أنها اعتمدت أسسًا منهجية في تحديد  الشرائح المستبعدة من الدعم  ، والمستندة إلى إحصاءات و بيانات رقمية دقيقة  ،  وليس مجرد تكهنات أو اجتهادات  ،  أو تعابير  يحار المرء فعلًا بتحديد ماهيتها  !.
 
   فعلى الأقل كانت  الحكومة وفَّرت على نفسها التبريرات والتوضيحات والاعتذارات  ،  عمَّا ارتكبته من أخطاء في تصنيف المواطنين  ،  وتقسيمهم إلى مدعومين و مستبعدين من الدعم  ،  وكان ينبغي ألَّا تضع نفسها في هذا الموقف الذي لا تُحسد عليه.

   فالحكومة  ــ أي حكومة بالعالم  ــ  يجب ألَّا تخطئ في تصنيفاتها وسياساتها الاقتصادية وقراراتها .
    فخطؤها لا يغتفر لأنها حكومة، وليست شخصًا  ،  ويفترض أن تكون على مستوى عالٍ من العلم والمعرفة  والخبرة  ، والدراية بواقع مواطنيها ـ كل مواطنيها  ـ واحتياجاتهم  على  كل  الصعد.

  قد يخطئ الأفراد وهذا أمر طبيعي بين البشر  ،  وأمَّا الحكومات فينبغي  ألَّا تخطئ لأنها تمثل دولة  ،  وترعى مصالح مواطنيها وبلدها  ،  ولأن لأخطائها منعكسات سلبية في المجتمع  ، وارتدادات سيئة على حياة الناس.

  وفي مسألة الدعم والاستبعاد منه  ،  كان من الأفضل طرح المشروع بعد نضوجه  تمامًا  ،  أي بعد اكتمال كل المعلومات والبيانات الشخصية الدقيقة ، للمستفيدين من الدعم  والمستبعدين منه  ،  ومن ثم  تحديد الأسس والمعايير  التي يُستثنى المبعدون من الدعم على  أساسها  ،  شريطة أن تكون واقعية ومعتمدة مسوحات علمية لحياة الناس المعيشية ومداخيلهم الشهرية أو السنوية الحقيقية .

   فالتعاطي مع ملف الدعم وسحبه  ، أو إعادة  توزيعه لمستحقيه الفعليين  ـ سمِّه ما شئت  ـ لايكون بهمروجة ، أو على صفحات الفيس بوك  ، وإنما بالعلم والمعرفة.

   بكل الأحوال ، لقد عرفت الحكومة  آراء  الناس  بمختلف  شرائحهم  وفئاتهم  المجتمعية   ،  بإجرائها غير  الموفق  ذاك  ،  ويفترض أنها قاست استطلاعات الرأي تلك بمقياس الاقتراب من الناس أو النأي عنهم  ،  لتحديد خطوتها الآتية بمقاربة هذا الملف.

  وليتها  لاتقاربه بهذه الطريقة  ، وإن كان  لا بدَّ  من ذلك  ،  فلتلغي الدعم كليًّا عن  المواد المدعومة  ،  وتحوِّل قيمة إلغائه إلى بدل نقدي مجزٍ  ـ ونؤكد  على  مجزٍ  ـ  يكفل للمواطنين العيش الحر الكريم  ، مادامت ستفعل ذلك آجلًا !.
   ونعتقد أن هذه المقدمات ليس له مبررٌ على الإطلاق  ، فالناس اكتوت و”استوت”  من التجريب  ، وأمست مهيأة ذاتيًّا للتنفيذ  ، فعجِّلوا به  ، وموشح الخطوط الحمر ماعاد يطرب أحدًا فلا تغنّوه  !.

                 محمد أحمد خبازي

المزيد...
آخر الأخبار