ضفاف العاصي…
سبق أن كتبت غير مادة تتعلق في رحيل علم من أعلام مدينة ما أو في سيرة شخصية أدبية معطاءة شكلت علامة فارقة في مشهدنا الثقافي دعوت من خلالها الإعلام بكامل أقسامه ( المرئي والمقروء والمسموع ) إلى توثيق وأرشفة هذا الإرث الذي تحمله هذه الشخصية لأنها حقيقة تشكل ذاكرة حيّة أصيلة قد نحتاج العودة إليها في القادمات من الأيام
لأننا فقدنا ولاسيما في السنوات القليلة الماضية عدداً كبيراً من القامات الثقافية العريقة التي شغلت الحيّز الكبير في ذاكرتنا وتركت برحيلها فراغاً مهيباً لم ولن يملأه أحد ..
يرحل أبناء جيل الكبار الذين أسّسوا وبنوا وعبّدوا دروب الفكر والثقافة والانتماء ..
جيل مكافح أصيل تربّى على المحبة والخير والعطاء فأنتج وأبدع في مجالات الفكر والبحث والنقد والشعر ..في مجالات الثقافة الحقة ..
رحل مؤخراً من الكبار ( عدنان قيطاز _ وليد إخلاصي _ خالد أبو خالد _ ..الخ ) وقبلهم رحل أقرانهم وأترابهم في العطاء الفكري الأخاذ ..
والسؤال : كم كان حريّاً بإعلامنا استضافتهم في برنامج وثائقي يتحدثون فيه لمحاور مثقف نبيه فطن عن مراحل تجاربهم وعلاقاتهم الراقية مع كتاب من مقامهم ..
كم يكنز كاتب وباحث بحجم عدنان قيطاز في ذاكرته من ثقافة أصيلة ساهمت في بناء علاقات إنسانية راقية مع أدباء من سورية والوطن العربي ..
كم يلزمنا من برامج ثقافية تؤسس لذاكرة بحجم وطن من مقام سوريتنا ..
كم كان يلزمنا من برامج تستضيف أديبنا الكبير وليد إخلاصي ليحدثنا عن تجربته.. عن حلب وعلاقاته الواسعة مع أبنائها وأصالة المكان ..
كم كان حريّاً استضافة الشاعر الكبير والمناضل والفدائي خالد أبو خالد ليفيض من معين روحه شعراً وفكراُ وآداب حياة ..
أجل برحيل أديبنا الشاعر والباحث عدنان قيطاز نعود ونطالب بضرورة الانتباه إلى خطورة ما حصل وما يحصل ..برحيلهم تنهدم لبنة تلو الأخرى من بناء الثقافة الحقة ..
نطالب بتدارك ما حصل والإعداد الجيد لاستضافة أدباء وكتاب وطننا في برامج تعنى بالتأسيس لمستقبل أقل خراباً وقبحاً من خلال استضافتهم ولحلقات مفتوحة يتحدثون فيها عن كل ما من شأنه النهوض بأبنائنا فكرياً و وطنياً..
( عبد الرزاق الأصفر _ منذر لطفي _ عبد الكريم الناعم _ محمد قجة _ أحمد يوسف داود _ علي كنعان _ محمود علي السعيد _ عصام ترشحاني _ حيدر حيدر _ سعيد رجّو …الخ )
نعود للحديث عن راحلنا الشاعر والباحث عدنان قيطاز ولكن لن أتحدث عن منجزه الشعري والأدبي ولكن ما يمكنني قوله في هذه الفسحة الضيقة هو أننا حقيقة كنا نباهي وضيوفنا بمجالسته و رفيقيه عبد الوهاب الشيخ خليل رحمه الله ومنذر لطفي مدّه الله بوافر الصحة والسلامة ..
لكل منهم أسلوبه الخاص في التعاطي مع الشعر ..القصيدة ..وفي تعامله مع الآخر ..
ويمكن لمن هم أكثر قرباً من الراحل التحدث عن مايميز شخصيته عن سواه ..ويحضرني هنا ما تحدث به صديقنا الشاعر معاوية كوجان في حضرة رئيس الاتحاد د. محمد حوراني حين تقديمنا واجب العزاء حين قال: إن الراحل بشفافية روحه وأصالته وحبه للشعر وكرم أخلاقه استضاف الشاعر الدكتور رضا رجب أول ما دخل حماة في بيته لأكثر من عام دون مقابل لأنه لمس عنده ماعنده من أدب وولع بالشعر ..
كما كان الراحل على علاقة وطيدة مع الشاعر الصافي النجفي ودخل حماة وأحبها من خلال الشاعر الراحل عدنان قيطاز ..
كما تحدث عن شخصيته القيادية والمسؤولة في مراحل ما ..وعن حبه وتشجيعه للأدباء الشباب وبحثه عنهم وتبنيهم تجربته معه أنموذجاً ..
ومن الجدير ذكره أيضاً أن للشاعر مايزيد عن خمسة وعشرين كتابا مابين الشعر والبحث والتحقيق أولها (ديوان اللهب الأخضر ) عن مطبعة حماة عام ١٩٧٨ واللافت أيضاً أنه
أصدر أو طبع عام ٢٠١٩ ثمانية كتب
وفي عام ٢٠٢٠ صدر له ستة كتب أيضاُ
وفي العام الماضي ٢٠٢١ صدر له أربعة كتب
آخر ما صدر له هو (سلاف وقطاف من كروم البيان ) ٢٠٢١ عن دار بعل _ دمشق واله تحت الطبع كما أورد في كتابه الأخير :<br>
_الأعمال الكاملة
_انطباعات حول تجربة الشاعر محمد عدنان قيطاز
ختاماُ : الشاعر الراحل من مواليد حماة عام ١٩٣٦
مجاز من كلية الآداب _ قسم التاريخ _ جامعة دمشق
عضو اتحاد الكتاب العرب _ جمعية الشعر
حظي بالتكريم من معارف (قطر) بوصفهةواحداُ من رواد التعليم فيها
كما كرمته شبيبة الثورة بحماة واتحاد الكتاب العرب في سورية ومجلس محافظة حماة ونقابة المعلمين وجمعية العاديات واتحاد طلبة سورية وقدم له مجلس مدينة حماة ( وشاح الوفاء لحماة )
رحم الله الراحل والعزاء كل العزاء للثقافة وللشعر ولحماة التي شيعته في موكب مهيب فخرجت في وداعه كأم حنون ودعت كبير أبنائها
عباس حيروقة