على الصعيد الكهربائي ـ ودعونا من الهمّ الاقتصادي الآن ـ نعيش في هذه الفترة تحديدًا أسوأ أيامنا وأحوالنا ، بل أكثر سوءًا من أي وقت مضى .
فهل ثمَّة أسوأ من أنك لا تستطيع إنجاز أي عمل بالنهار ، سواء أكان بالمنزل أو بدوائر الدولة ومؤسساتها ومصارفها ، التي لاتشغِّل مولداتها إن وجدت لشح المازوت إلَّا فيما ندر ، وهل هناك أسوأ من الظلام الدامس الذي يجثم بثقله المقيت على الصدور قبل البيوت ؟.
لقد رضينا كمواطنين بنصف الساعة التي تتكرم بها علينا وزارة الكهرباء ، بعد كل خمس ساعات ونصف من القطع الجائر والتقنين البغيض ، ولكن لم ترضَ بنا نصفُ الساعة تلك ، فتحردُ وتغيبُ عن بيوتنا وقلوبنا عشرَ دقائقَ ، وأحيانًا تتوارى بالمرة ، وكأنها تعرف قيمتها الغالية لدينا فتتدلل علينا لنشتاق لها أكثر !.
وإن تحلُّ بديارنا فتحلُّ على مضض ، ورفعَ عتبٍ نائسةً وذابلةً لاحياة فيها ولا روحٌ ، وتعجز عن إنارة نواسة .
وفي بعض مناطق المحافظة وخصوصًا الغربية منها ، تغيب لأيام طويلة ، وكأنها في خصام مع الأهالي ، ولاتعود إلَّا بعد مناشدات وتدخلات من أهل الخير لإصلاح ذات البين.
وبالطبع دائمًا العذر والحجة لدى الوزارة جاهزة ، فالحق كله على المواطن الذي يستخدم الكهرباء للتدفئة بالشتاء وللتبريد بالصيف !.
وكأن الكهرباء بالعالم المتحضر والمتخلف لا تستخدم لهذه الغايات.
وبالطبع ـ مرة أخرى ـ تقذف الوزارة الكرة لملعب شقيقتها وزارة النفط ، وتلومها على عدم تزويدها بالغاز والفيول اللازمين لتشغيل محطات التوليد .
وباعتقادنا لو استثمرت الحكومة ما أنفقه ـ وينفقه ـ أبناؤها البررة المواطنون الكرام ، على شراء المولدات والبطاريات واللدات وألواح الطاقة البديلة ، بمحطات توليد جديدة ، وبمشاريع كهربائية شمسية أو ريحية أو الاثنتين معًا ، لكنَّا ودَّعنا العصر الحجري وتخلَّصنا من أزمة الكهرباء منذ سنوات طويلة.
محمد أحمد خبازي