ضفاف العاصي….
مرة أخرى يغيّب الموت قامة أدبية شغلت ولعقود حيّزا هاماً في مشهدنا الثقافي السوري والعربي عموما ..
إنه الشاعر الفياض الباذخ صاحب الابتسامة الأخّاذة..الطافح نبلاً وأصالة ومحبة إنه حسان فياص يوسف ( ابو كنان )
صاحب الدواوين الثلاثة ( السيف العربي _ شبل العرين _ كندة )
شاعر عُرف الى جانب كتابته للشعر الفصيح بتميزه من خلال عشرات الأغاني التي سجّلها في الإذاعة والتلفزيون والتي غنّتها وردّدتها ملايين الحناجر على امتداد الوطن العربي ( لزرعلك بستان ورود وشجرة صغيرة تفيكي ولغزلك من نور الشمس سوارة وحطا بإيديكي ) هذه الكلمات التي حفظناها ورددناها مطولاً مبتهجين منتشين بعذب كلماتها مع المطرب الكبير فؤاد غازي
كلمات هذه الأغنية على سبيل المثال تعكس تلك الروح الشاعرة الشفيفة التي تحتفي بالجمال والمحبة
كما عرف من خلال غير أغنية ( صيد الدرغل رح صيدك يادرغلة ) والتي غناها المطرب عدنان عمر
حسان يوسف القريب القريب منا جميعا والمحب المحب للعالم كل العالم ..الرجل المضياف الفياض صاحب ذاكرة متقدة وبداهة عالية ..المندفع تجاه الخير والمدافع عمن يحب.
حسان يوسف مواليد ١٩٤٨ اللاذقية _ القرداحة _ قرية عوينة الريحان رغم استقراره ولعقود في دمشق إلا انه بقي وثيق الصلة والعلاقة بقريته وأبناء قريته من خلال زياراته لهم وعلاقاته المبنية على المحبة والانتماء الحقيقي لكل ماهو خيّر ونيّر فبادلوه الحب بالحب أبداً فخرجوا في جنازته المهيبة وواظبوا حضور مجالس العزاء ..
شارك الشاعر المتمكن من أدواته في العديد من المهرجانات الشعرية المحلية والعربية كما كتب العديد من الأعمال التلفزيونية ..
مهما سنكتب نبقى مقصرين وغير قادرين على الإحاطة إلا ببعض بعض نتاجه وسيرته الذاتية و ما يمكن قوله هو أنه
شاعر من مقام الأنهار والينابيع والغمامات ..
شاعر من مقام فارس ومقاتل ..
أمضى معظم سنين عمره ضابطاً في الجيش العربي السوري خاض غمار معارك حرب تشرين التحريرية وأصيب آنذاك كما خاض حرب لبنان ..
وما يمكن أن نختم به هنا هو المثل الصيني القائل : ثلاثة لايموتون عبر التاريخ أبداً
من خلف كتاباً أو ولداً أو زرع شجرة
فكيف يموت شاعر من مقام ودرجة حسان يوسف الذي خلف كل هذه الأشياء مجتمعة وأكثر ..
لن يموت شاعر رددت الناس وستبقى عذب كلماته المعششة في عتبات بيوتات الحنين والمشرشة والمعرشة ياسميناً على نوافذ القلب ..النوافذ التي ستبقى تطل بكل اعتزاز على بهاء محياه وقهقهاته ..ستبقى عالية جداً ضحكاته الساخرة من موات وقف فزاعة قبالته فهزمه بالقهقهات وبالشعر وبالغناء.
سنفتقدك أيها النبيل ..ستترك الفراغات الكبيرة الكبيرة
حسان يوسف لن تغيب أبداً ..لن يغيب صوتك ..ضحكاتك ..قصائدك..
لروحك الرحمة يا أخي ..
ولنا جميعا ..
للشعر وللثقافة وللغناء
وللموسيقى وللإنسانية العزاء
عباس حيروقة