نبض الناس
رغم نقص الكوادر الطبية والمَعدات والتجهيزات ، والأدوية ، ورغم الانتقادات اللاذعة التي تتناول سلوكيات فردية من الطواقم التمريضية ، من حيث الاستهتار باستقبال المرضى وعدم الاهتمام لحالاتهم الصحية كما يجب ، للانشغال بشرب المتة وفصفصة البذر ، تبقى مشافينا الوطنية الملاذ الآمن للفقراء والمحتاجين كل رعاية طبية ، وتبقى الرائدة بتقديم الخدمات الصحية والعلاجات الطبية المجانية أو شبه المجانية ، لآلاف المرضى الذين يراجعونها يوميًّا بحالات إسعافية ، أو للكشف الطبي الآني أو الدوري ، أوللتداوي ، أو لإجراء عمليات جراحية باردة أو ساخنة .
ومهما قيل ويقال عنها ، تبقى أرحم مليون مرة من المشافي الخاصة ، التي انحدرت في بعض منها الغايات الطبية عن القيم الإنسانية إلى التجارية ، بحيث أصبحت فواتيرها فلكية ، ومنهكة للمريض وذويه وأقاربه ومعارفه والخيِّرين من أهل مدينته أو قريته ، الذين يتنادون لجمع قيمتها وتسديدها بالتكافل والتضامن ، سواء أخرج من تلك المشافي سليمًا معافى أو جثة هامدة !.
ولكم أن تقارنوا كلفة يوم واحد فقط ، بين مشفى خاص وآخر عام ، لمصاب بفيروس كورونا على سبيل المثال ، أو كلفة عمل جراحي بسيط أو معقد ، أو ليكن حتى كلفة قسطرة قلبية.
قلنا غير مرة ونقول اليوم : قطاعنا الصحي العام رائد بخدماته الطبية ، ودوره كبير جدًا في خدمة الناس ، ولم تستطع كل سنوات الحرب ومنعكساتها وتداعياتها عليه ، ولا هجرة العديد من الأطباء العاملين فيه ، والكوادر الفنية الخبيرة ، أن تفقده رياديته أو تسلبه ذلك الدور ، لقد كان رائدًا وسيبقى.
ولكنه بالتأكيد بحاجة إلى الكثير من الاهتمام بعد سنوات الحرب تلك ، مع توفير البيئة المناسبة لكوادره الطبية من حيث الدخل والمحفزات ، وتأمين نواقصه ، ومعالجة مشكلاته ، وعندها لن تجد مريضًا يتجه للمشافي الخاصة حتى لو كانت خدماتها من سوية خمس نجوم ، ومهما تكن قدرة المريض المادية عالية .
محمد أحمد خبازي