نبض الناس ….. العفو.. وجوهر الدولة !

 
 
   يرى أهل الاختصاص في قضايا الإرهاب من قضاة ومحامين  ، أن مرسوم العفو العام الرئاسي الأخير ، من أهم المراسيم التي صفحت فيها الدولة عن أبنائها الذين حادوا عن جادة الصواب  ، أوحملوا السلاح بوجهها ، أو ارتكبوا آثامًا بحقها  ، لتعيدهم إلى دائرة الحياة وميادينها ، وليعيشوا بين ذويهم ومع أسرهم  ، وكأنهم لم يرتكبوا جرمًا  ، ولم يقترفوا إثمًا  ، ولم يخطئوا بحق الوطن ومواطنيه  ، وذلك من منطق الدولة الحريصة على كل أبنائها  ، ومن مبدأ إعطاء فرصة أخرى للذين أخطؤوا بحقها ـ أرضًا وشعبًا وقيادةً  ـ ولكن لم يقتلوا ولم يسفكوا دمًا ، ليعودوا إلى رشدهم وحضن الوطن الذي يتسع لهم ويعفو عنهم. 
   ويرى أهل الاختصاص أن ذلك المرسوم من الأهمية القصوى  ، كونه يعفو عن مرتكبي كل الجرائم الإرهابية  ، أو التي تصنف إرهابية  ، ما عدا التي تسببت بموت إنسان. 
   ومن وجهة نظر مجتمعية  ، يمكن أن نقرأ المرسوم التشريعي ذاك  ، على أنه مبادرة أخلاقية من الدولة ومد يدها بالخير ، نحو آلاف المحكومين أو الذين  تُنظر قضاياهم بمحاكم الإرهاب. 
مبادرة عنوانها العريض الصفح والمسامحة  ، وتفاصيلها بدء حياة جديدة  ، سليمة وصحيحة  ، شريطة ألَّا يعودوا إلى ما ارتكبوه  ، وإلَّا يُقدموا على أي فعل يمس الوطن ويسيء لمواطنيه. 
  كما يمكن قراءة المرسوم على أنه “عيدية” لتلك الأسر التي ارتكب أبناؤها ما ارتكبوه بحق الوطن  ، وتعاني من سوء فعلتهم ومنعكساتها وتداعياتها ما تعانيه  ، فأراد المشرِّعُ أن يعالج معاناتها ويبلسم جراحها الأسروية والمجتمعية بالمحبة في فترة العيد ليكون سعيدًا فعلًا لها .
   باختصار شديد  ، المرسوم كما نرى يجسد جوهر الدولة وحقيقتها  ، في التعاطي مع أبنائها الخطائين بحقها  ، وأن العفو من شيم الكرام  ، وأنها قادرة على العفو مثلما هي قادرة على العقاب. 
               محمد أحمد خبازي
المزيد...
آخر الأخبار